Tev-Dem

أبو أمجد.. القيادي الثائر الذي سار مسيرة قائده ورفيق دربه

462

ولد عدنان أبو أمجد في حي بسيط بالقرب من دوار الكرة، انضم إلى صفوف الثورة، وشارك في معظم الحملات التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، عرف بحبه لأبنائه، لم يكن مجرد طفل يلهو، إنما هي شخصيته القيادية تنمو داخل جسده الصغير، لتظهر في ساحات المعارك بين المقاتلين، وليكون القيادي الشهيد عدنان أبو أمجد الثائر الذي سار مسيرة قائده ورفيق دربه فيصل أبو ليلى.

يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد العام لمجلس منبج العسكري عدنان أبو أمجد الذي استشهد أثناء مشاركته في حملة تحرير مدينة الرقة من مرتزقة داعش في 29 آب/أغسطس 2017.

وكان لأبو أمجد بصمات في معارك مفصلية عديدة شهدها الشمال السوري منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، إذ يعتبر من أبرز مؤسسي مجلس منبج العسكري وقبل ذلك العديد من الفصائل الثورية.

لمحة عن حياة القيادي الشهيد عدنان أبو أمجد

ولد عدنان أبو أمجد، الاسم الحقيقي عدنان عبد العزيز الحمدية في مدينة منبج عام 1/4/1977، في حي بسيط بالقرب من دوار الكرة، ينتمي إلى عائلة مكونة من 6 أفراد وهو الابن الأكبر، درس الابتدائية في مدرسة محمد القاسم الثقفي في مدينة منبج، والإعدادية في مدرسة أبو فراس الحمداني، حاز على الشهادة الاعدادية، ثم ترك الدراسة ليعمل في مجال الاتصالات، ومن بعدها انتقل للعمل مع أخيه في مجال الصيدلة، تزوج ورزق بصبيين محمد وعبد العزيز.

ومع اندلاع “الثورة السورية”، انضم عدنان أبو أمجد إلى صفوف “الثورة”، وطالب بحرية وحقوق شعبه، وكانت تربطه علاقة مع جبهة الأكراد في كري سبي والمنطقة، وبعد الهجمات التي شنتها بعض الكتائب المرتزقة على كري سبي وتل حاصل وتل عران، انضم أبو أمجد إلى صفوف جبهة الأكراد.

ومن بعدها توجه إلى كتائب شمس الشمال في منطقة منبج وكري سبي فور تشكيلها وانضم إلى صفوفها والتي كان يقودها الشهيد القيادي فيصل أبو ليلى، ليبدأ السير برفقة القيادي الشهيد أبو ليلى، وأثناء دخول مرتزقة داعش إلى مدينة منبج أواخر عام 2014م، خرج أبو أمجد مع قائد كتائب شمس الشمال الشهيد فيصل أبو ليلى ومقاتلي جبهة الأكراد من المدينة لأن الاستمرار في المقاومة سيضع المدنيين تحت وطأة مفخخات المرتزقة الداعشية.

واتجه أبو أمجد إلى إقليم عفرين لمتابعة نضاله الثوري هناك، ليبتعد عن أهله ويبدأ بالمحاربة ضد مرتزقة داعش، وأثناء هجمات مرتزقة داعش على مدينة كوباني في 15 أيلول 2014م توجه أبو أمجد إلى المدينة ليقاتل إلى جانب قائده فيصل أبو ليلى وبجانب الشهيد عبدو دوشكا.

وشارك الشهيد أبو أمجد في معظم الحملات التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، حملة تحرير كري سبي، صرين، عين عيسى، الشدادة والهول، حملة تحرير مدينة منبج التي قادها المجلس العسكري لمنبج وريفها منتصف عام 2016م والتي كان قائداً لها، وشارك أخيراً في حملة تحرير مدينة الرقة، ويعد الشهيد أبو أمجد من الأشخاص المؤسسين لقوات سوريا الديمقراطية التي شٌكلت في 15 تشرين الأول عام 2015م.

الشهيد القيادي أبو أمجد في ذاكرة أهله

ونعت أم الشهيد أبو أمجد وحيدة أوسو ابنها الشهيد وهي تنظر لاسمه الذي كتبه على خزانته وهو في ربيعه الـ20، وقالت: “عدنان شجاع، عدنان بطل، عدنان لا يهاب”، بهذه الكلمات استهلت الحديث عن ابنها الشهيد.

وتحدثت عن حب ولدها لأولاده ذاكرةً إحدى المواقف التي مر بها حيث كان راكباً سيارته برفقة ابنه الصغير عبد العزيز، وطلب عبد العزيز من والده أن يشتري له الكعك فذهب ليشتري له الكعك وتركه داخل السيارة، وعند عودته لم يجد ابنه داخل السيارة فرمى الكعك على الأرض وسارع يبحث عن ابنه، فوجده داخل دكان بقالة جالساً بالقرب من صاحب البقالية فهم إلى طفله وأراد أن يصفعه من الخوف عليه، فنهاه البقال.

ويذكر محمد ابن الشهيد أبو أمجد عن والده قائلاً: “أثناء وجودنا في مدينة كوباني كان يأتي أبي ليرانا ويلاعبنا بالألعاب والحاسوب”، وأشار إلى أن والده انهمك في متابعة عمله اذ كان يعود للمنزل ليلاً ويغادره في الصباح الباكر، فكان الوقت الذي يتسنى لأبنائه أن يروه فيه وقت ضيق جداً.

ويردد محمد شعار والده الذي لا ينساه اذ يقول فيه: “لن نسلم مدينتنا منبج لهؤلاء العثمانيين الأردوغانيين، سنسلمها عندما الشمس تشرق من الغرب وتغيب في الشرق، عندها سنفكر بتسليم منبج”، هذا الشعار ورد على لسان الشهيد مراراً وتكراراً، اليوم الأخير الذي رأى فيه محمد أباه أوصاه عند خروجه “اعتني بأمك وأخاك”.

شغف أبو أمجد بالحياة العسكرية وانشغاله بها

توقف عبد العزيز الحمدية والد الشهيد أبو أمجد عند صورة ابنه البكر وهو يقلب بين صوره والتي يظهر فيها الشهيد القائد وهو بسن الطفولة يرتدي زياً عسكرياً، وقال: “من صغره كان شغوفاً بالحياة العسكرية، كان نشيطاً وكثير الحركة.”، لم يكن الشهيد أبو أمجد مجرد طفل يلهو، إنما هي شخصيته القيادية تنمو داخل جسده الصغير، لتظهر في ساحات المعارك بين المقاتلين.

وأشارت أم الشهيد إلى انشغال القائد أبو أمجد بعمله ومكانته العسكرية القيادية، إذ أنه لم يكن يخلع الحذاء عند دخوله المنزل ليأكل بل كان يأكل واقفاً ويسرع في الذهاب لعمله، كما أنه عندما يصاب لا يعود إلى المنزل لحين شفائه لكي لا يراه أهله مصاباً، وعندما تسأله ماذا بك يقف ويلوح بيديه “ها أنا ما من شيء أصابني أنا سليم”، في حين أنهم يعلمون من رفاقه أنه مصاب وأنه يخفي تحت ثيابه جراح الحرب.

آخر مرة رأت فيها ابنها الشهيد كانت عندما جلب أبنائه إلى بيت جدهم وأشارت له أمه ليدخل إذ كان أمام باب المنزل يقف من الخارج، قال: “لدي عمل”، كانت تلك المرة الأخيرة التي ترى فيها ابنها الذي جعل وقته وروحه في سبيل تحرير الأرض والشعب.,لاده ووضعهم عندي أشرت له ادخل قال

 مسيرة القائد أبو أمجد والوفاء بعهده

وفي الأول من حزيران عام 2016م أعلن مجلس منبج العسكري حملة تحرير منبج بقيادة الشهيد القيادي فيصل أبو ليلى، شارك فيها الشهيد القائد أبو أمجد، وبعد خمسة أيام من بدء الحملة استشهد القائد أبو ليلى، ليتولى الشهيد أبو أمجد الحملة العسكرية بعد رفيقه الشهيد أبو ليلى، وسميت الحملة باسم حملة الشهيد أبو ليلى.

وأخذ أبو أمجد على عاتقه مسؤولية تحرير مدينة منبج وإتمام عهد الشهيد أبو ليلى والوفاء بالوعد الذي أعطوه لأهل مدينة منبج بتحريرهم من رجس داعش، وفي 2 آب 2016م حررت قوات مجلس منبج العسكري والدي الشهيد أبو أمجد ليلتقيهما بعد فراق دام أكثر من عامين.

تحدث محمد مصطفى أبو عادل القائد العام لمجلس منبج العسكري والذي تولى مهامه بعد استشهاد أبو أمجد، وهما صديقا الطفولة: “منذ ما يقارب العشرين سنة عندما كنا في الخامسة عشر من العمر، كنا نمضي معظم الوقت مع بعضنا، إلى أن كبرنا وسرنا الدرب معاً لتحرير سد تشرين والتوجه إلى مدينة منبج لتحرير أهلنا من رجس الارهاب”.

وأشار أن أبو أمجد من القيادات البارزين في مجلس منبج العسكري، وكان يفضل ويحب استخدام سلاح القناص، وبالرغم من أنه القائد العام لمجلس منبج العسكري الا أنه لم يتوار يوماً عن محاربة مرتزقة داعش في حملة تحرير مدينة الرقة.

استشهاد القائد أبو أمجد

استشهد القائد العام لمجلس منبج العسكري أبو أمجد في الرقة 29آب 2017 م أثناء توجهه للجبهات في سبيل إعطاء المعنويات للمقاتلين والاطلاع عن كثب بآخر مستجدات الحملة، لتنتهي قصة بطل قيادي من منبج، مجسداً أسمى معاني التضحية والوفاء، ولتحمل حملة تحرير الرقة اسم حملة الشهيد عدنان أبو أمجد.

وري جثمانه الثرى في مزار الشهداء بمدينة منبج في 31 آب من عام 2017م، مع ثلاثة من رفاقه الذين استشهدوا في حملة تحرير الرقة وهم؛ باران تركمان، أبو حلب، يكتا حسين، وشيعوا بمراسم مهيبة حضرها الآلاف من أبناء الشمال السوري، وليكون القيادي الشهيد عدنان أبو أمجد الثائر الذي سار مسيرة قائده ورفيق دربه فيصل أبو ليلى.