Tev-Dem

“لا وجود لمجتمعات حرّة دون فكر حر”

443

الأكاديميات هي الحجر الأساس لبناء مجتمع ديمقراطي، سياسي، أخلاقي، ولها الدور الأهم في توعية المجتمع لمعرفة ذاته، وتغيير الذهنية السلطوية التي تسربت للمجتمع عبر مراحل عديدة منها “التطرف، والنظم الديكتاتورية”، ولعل الأكاديميات الفكرية التي افتتحت في مختلف المناطق بشمال سوريا سارت في هذا المضمار لضمان إنشاء مجتمع حر في إطار فلسفة الأمة الديمقراطية.

إن تنظيم المجتمع بشكل مؤسساتي في نسيج الحياة وانخراطه في صفوف هذه المنظمات المجتمعية هو الجانب الأهم في ساحة الفكر ويعتبر ذلك بمثابة عقيدة المجتمع وروحه ويتم ذلك من خلال التدريب الذي يبني أخلاق الإنسان والمجتمع.

و بناء الفكر يعتبر الأساس الذي يبني عليه المجتمع ثقافته ومعتقداته، وتعتبر الطبيعة هي الوعاء والمدرسة التي يتعلم فيها الإنسان ويكتسب معارفه.

ومن أهم المواضيع التي تمس المجتمع بشكل كبير هي بناء الشخصيات الخلاقة والمبدعة وكذلك بناء نظام اجتماعي يقود المجتمع بشكلٍ صحيح، وأن غايته هي معرفة حقيقته لبناء وجوده وفهم هذه الحقيقة، والنهوض بالثقافات لينعكس على جوهر الفلسفة، كما أن للثقافة والأخلاق نظرة ثورية بدأت في نظرية جديدة تطبق على الأخبار ونشر الثقافة الجديدة والأنظمة الجديدة واستخدامها في توعية الشعوب وتثقيفها.

ولكل أكاديمية اختصاص ومنها الأكاديميات العامة والخاصة، حيث الأكاديمية العامة تشمل الجميع والفوائد منها تعود على الفرد والفكر ومنها إلى المنظومة العامة كالاقتصاد والمرأة والعدالة والثقافة والأخلاق وتوعية الفرد ضمن مجالات الحياة ضمن برنامج موحد لجميع المؤسسات.

ومع بزوغ فجر الحرية في روج آفا وشمال سوريا ضمن ثورات “ربيع الشعوب”، كان للأكاديميات الفكرية دور كبير في تنظيم الشعب ومعرفة الذات من خلال الدروس الفكرية التي تعطى وفق فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية  لقائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان.

تعرض فئة كبيرة من أهالي مدينة منبج لفكر متطرف

ففي مدينة منبج بشمال سوريا مثالاً، كان للأفكار التضليلية دور كبير في تشتيت الفكر العام نظراً لتوالي سيطرة المجموعات الإرهابية على المدينة، حيث أصبحت المرأة سلعة تباع وتشترى في الأسواق وكانوا يعتبرونها سبية تباع في “سوق النخاسين” حيث اضطهدوا المرأة بأبشع الصور، قبل أن تتحرر المنطقة على يد قوات سوريا الديمقراطية في شهر آب من عام 2016.

وبتحرير المدينة تم افتتاح أكاديمية فكرية، كان لها دور كبير في محو هذه الأفكار السلبية من خلال تعرف سكان المنطقة خلال التدريب على حقيقة المرأة ودورها في المجتمع كون المرأة هي أساس المجتمع.

وفي هذا السياق، ذكر المحاضر في أكاديمية “الشهيد اسماعيل موسى” الفكرية، محمود بكري، أنه بعد تحرير مدينة منبج من مرتزقة داعش “لاحظنا أن هناك فئة كبيرة من الناس عانت من فكر مرتزقة داعش الإرهابي انعكس هذا الفكر على المجتمع بتخريب المباني والمؤسسات والفراغ الثقافي، هنا يأتي دور الأكاديمية لمحو ذلك الفكر التكفيري”.

وتابع “تطبيق مبدأ الأمة الديمقراطية التي تتركز على الأخلاق بين فئات المجتمع بشكل عام والهدف الأساسي من إنشاء الأكاديميات هو بناء مجتمع أخلاقي تسوده العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة”.

وافتتحت في مدينة منبج، 7 أكاديميات من بينها 4 عسكرية وأكاديمية خاصة بالمرأة ومركز “جنولوجيا” يهتم بعلم المرأة أيضاً.

ومنذ تحرير مدينة منبج من مرتزقة داعش، تم تخريج 17 دورة في أكاديمية الشهيد اسماعيل موسى الفكرية، التي خرجت الآلاف من المتدربين، وبالنسبة للمعلمين تم تخريج 5 دورات وبلغ عدد الأشخاص المتدربين ما يقارب 4000 شخص، بالنسبة للأكاديميات العسكرية تم تخريج أفواج تقدر بالآلاف.

ويقول بكري، إن “الهدف من الخضوع لتدريب الأكاديمية أن يكون الإنسان ذا فكر أخلاقي حر ديمقراطي وأن يصبح متطوراً أكثر، وأن يعم الفكر الأخلاقي على جميع أرجاء سوريا دون تفريق أو تمييز بين مكونات أو طوائف وأن يكون التعامل على أساس الإنسانية”.