Tev-Dem

روسيا تحت ذريعة “شرعية وجودها” تُقسّم سوريا

376

كمال عاكف

في كل حدث جديد على الساحة السورية تتوضح المزيد من الخفايا التي كانت مبهمة حول دور بعض الدول في سوريا لتتوحد جميعها على شيء واحد وهي المصلحة والأجندات الخاصة دون أي اهتمام لا بمستقبل الشعب السوري ولا بخلق وتأمين الاستقرار, حيث كل ما ظهر من مؤتمرات على مسمياتها المختلفة إبان السنوات والأشهر الماضية كانت عبارة عن أحداث للأرشيف فقط ، إن من يساهم في زيادة فتيل الحرب والصراع بمقدوره العمل على خلق الأرضية التي يمكن من خلالها التوجه نحو الحل أو كما يتحدثون التوافق بأقل النتائج.

روسيا في كل مرة تقول وتصّرح بأنها تتواجد في سوريا بقرار شرعي من حكومة دمشق ولها الحق في العمل والتعاون مع النظام لترسيخ وجوده وإعادة الاستقرار كما تزعم، لكن ما يظهر في الواقع مخالف لحالة الوجود الشرعي من جهة وكذلك مخالف لما يتم الإعلان عنه من مواقف روسية حيال الوضع في سوريا، الوجود الشرعي لروسيا كيف يمكن تبريره و روسيا بنفسها تحاول ترسيخ واقع التجزئة في سوريا تارة من خلال تهيئة الوجود التركي وفرضه على السوريين وهذا بحد ذاته احتلال إذا ما تناول الموضوع من الناحية الشرعية وغير الشرعية حسب ما تتدعي روسيا من خلال تبرير تواجدها في سوريا وتارة أخرى هناك واقع آخر تعمل عليه روسيا وترسخ وقائع جديدة وخطيرة من خلاله وهي عملية الفرز التي تقوم بها من خلال برنامجها التفاوضي مع الإرهابيين في الغوطة ودوما وقبل ذلك في المحيط الشرقي لدمشق، هذه الخطوة والتي تكمن في نقل الإرهابيين الذين سمحت روسيا لهم بالتنمية وتجميع قواهم على مدار سنوات خطيرة وعملية النقل وبأسلحتهم والمغادرة إلى منطقة سورية أخرى تشرح مدى سعي روسيا إلى تقسيم البلاد على الأقل حالياً من الناحية الشكلية وكأنها تمهد لمرحلة قادمة تكون فيها سوريا والشعب السوري أمام خيار واحد وهو القبول بذلك دون نقاش !!.

إن من يراقب السياسة الروسية ولو بخطوطها العريضة سيلاحظ دون شك بأن عملية المواجهة غير المباشرة مع أميركا في سوريا تتم من خلال ورقة النظام والتي هي مظلة شرعية تتحدث بها روسيا في سوريا ومن خلال قيام روسيا من ناحية أخرى باستفزاز الكرد – حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية – من خلال بعض المواقف والتقاربات مع تركيا التي تمت بشكل فعلي في عفرين ومن خلال العمل على تقديم الكرد بأنهم السبب الرئيس في برامج ليست لمصلحة السوريين مع أن ذلك يتعارض مع المواقف العملية الروسية والتي هي بعكس موقف الكرد على الأرض حيث أن التعاون مع تركيا التي وصفتها روسيا قبل سنوات قليلة بداعم داعش الأكبر من خلال كشف عمليات التجارة عبر الأقمار الصناعية وصفقات النفط وما شابه ، بالإضافة إلى التعاون الروسي غير المسبوق مع تركيا التي تتواجد بطابع غير شرعي في الباب وجرابلس وإعزاز وعفرين فيما يتعلق بصفقات تتم نتيجة المقايضة على هذه المناطق لتخرج روسيا وتكون المستفيد الأكبر من حالة الفوضى والحرب والاحتلال المرحب به بصفقات مع تركيا يمكن أن تكون بداية لتحولات في المنطقة قد لا تُحمد عقباها كما الحال في الاتفاق الروسي – التركي _العضو في الناتو _ بعملية التزويد العلني لتركيا بمنظومة إس – 400 الأمر الذي يفسر لنا اليوم بأن التهديدات الأمريكية وعمليات ضرب النظام السوري الذي هو في المضمون تمثله روسيا وبالتالي أمريكا حينما تقول بأنها ستضرب النظام فدون شك هو ضرب للروس بأقل تقدير، الدور الروسي اليوم يزداد بسلبية على الواقع السوري ولو لم تتدخل روسيا في سوريا وتركت النظام على الرغم من أن النظام مفقود الرجاء والأمل فيه لكن لكان أفضل من روسيا على الأقل بأنه كان سيرضخ لجملة العوامل المؤثرة في سوريا ومنها قبول الوقائع والتحولات الميدانية التي كانت ستحد من دوره وستجبره على القبول بتوجهات الشعب السوري مقابل ما يبحث عنه النظام منذ سنوات وهو الدور الشكلي أو عدم الخروج بمظهر مماثل لما تم في مصر وليبيا وتونس واليمن، ما أود توضيحه هو أن روسيا تلعب دوراً سيئاً في سوريا وأن تاريخها الحديث والقريب في المنطقة يفسر بأنها في النهاية ولحفظ ماء وجهها يمكن لها أن تضحي بالنظام نفسه بعد نفاد صلاحيته في عملية الاستثمار التي تقدم عليها روسيا في سوريا لتحقيق مصالحها وخلق جبهة تكون مصدر إزعاج لأمريكا.