Tev-Dem

لحظات في حضرة مسنة عفرينية تدرك معنى المقاومة الحقيقية

384

عفرين- شعب يستفيق وينام على أصوات المدافع والصواريخ والطائرات الحربية، متمسك بأرضه التي لم تبخل عليه بشيء، إنه شعب عفرين.

حينما تتجه شمال غرب عفرين، صوب ناحية بلبلة التي تشهد اشتباكات قوية بين مقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة وجيش الاحتلال التركي الذي يقصف الناحية وقراها بشكل يومي بالطائرات الحربية والقذائف والصواريخ، لابد أن تمر من ناحية ميدانكه، التي تعرضت للقصف من قبل الطائرات الحربية التركية لعدّة مرات، تلاحظ جلياً الحياة الطبيعية في ميدانكه، محلات مفتوحة، الأهالي يتبضعون احتياجاتهم اليومية، الأطفال يلعبون ويمرحون في الأزقة، رغم سماع دوي سقوط القذائف في المنطقة المجاورة، تدرك جيداً بأن شعب الناحية قد تأقلم مع القصف. هذه المقتطفات تشاهدها فقط أثناء المرور من الشارع الرئيسي في الناحية، لربما هناك مقتطفات أخرى ضمن أحياء وأزقة الناحية.

لنصل لقرى ناحية بلبلة اتجهنا غرباً، سالكين الطرقات الوعرة، بعد قرابة 30 دقيقة وصلنا لأحدى القرى القريبة من ناحية بلبلة، بالقرب من جبل هاوار المعروف في مقاطعة عفرين، وهي قرية (ق ي) تبعد عن خطوط الجبهة قرابة 1كم، قبل دخول القرية بعدّة كيلومترات تسمع بشكل واضح دوي القذائف والمدافع التي تتساقط على تلل تلك المنطقة، وبدخول القرية كان هناك تحليق مكثف للطائرات الحربية التابعة لجيش الاحتلال التركي كما أنها كانت تقصف التلال المحيطة بالقرية.

بوصولنا إلى القرية استقبلنا من قبل امرأة مسنة تبلغ قرابة 68 عاماً وهي والدة إحدى زميلاتنا في القرية، تدعى حورية عمر بابتسامة جميلة، كانت لوحدها في المنزل، بعد الترحيب دخلنا المنزل، أجلستنا بجانب مدفأتها القديمة التي تعمل على الحطب، بدأت بسرد ما يجري في المنطقة. بأنهم كأهالي القرية يستفيقون وينامون على أصوات المدافع والصواريخ والطائرات الحربية، موضحة بأن تركيا تهدف من خلال قصفها العشوائي للمنطقة والقرى المحيطة بهم إلى تهجيرهم من قراهم.

ففي رأس كل ساعة تقوم بالتقليب في محطات التلفزة لمعرفة آخر المستجدات الحاصلة في مقاطعة عفرين، تود معرفة كل كبيرة وصغيرة وأدق التفاصيل عما يجري في المنطقة. تشاهد التلفاز وتدعو لمقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة بالنصر في وجه العدوان التركي.

تعتبر وجودها في القرية نصراً لها، لا تخشى مدافع وطائرات جيش الاحتلال التركي، تثق بمقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة، تقول بأنهم كأرض عفرين وكأشجار الزيتون التي لم تبخل عليهم يوماً بخيراتها.

كما لم تبخل علينا، وقامت بتوجيه عدّة نصائح لنا، وكيفية الاحتماء من قذائف وصواريخ جيش الاحتلال التركي، وأثناء تحليق الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع.

علامة الثقة واضحة على وجه حورية، كلما تسقط قذيفة أو صاروخ على المناطق المحيطة تدعو على أردوغان،” تقول ها هو غير معروف النسل قصف مرةً أخرى بساتيننا وقرانا، لقد جن أردوغان”.

لا يمكننا القول بأن حورية عمر اعتادت على أصوات الطائرات والقذائف والصواريخ، ولكن حبها لأرضها ووطنها عودها على التأقلم مع كل ما يحدث من حولها، كما أنها تقوم بتطمين أولادها في المهجر، وتقول نحن صامدون ولن نتخلى عن أرضنا وأطفالنا، عبر جهازها الخليوي الحديث نوعاً ما.

بين كل فينة وأخرى كانت تسرد لنا قصصاً قديمة حدثت معها وقصصاً جديدة، كانت تسرد في بعض الأوقات قصصاً أثناء وجودهم في مدينة دمشق والحياة التي عاشتها هناك، وبسماع دوي القذائف كانت تقول بأن جيش الاحتلال التركي قصف جبل هاوار بداية العدوان بسبع قذائف، وقالت “وقت قصف جبل هاوار الشامخ بكيت لسبع ساعات”، كيف يقصفون هذا الجبل العظيم؟ كيف يقصفون تاريخنا؟ ماذا يريدون منا؟.

تساعد حورية عمر نساء القرى في إعداد الطعام للمقاتلين والمقاتلات، تقول “إن أسودنا يقاتلون الطغاة” أطفالنا يحللون الحليب الذي أرضعناه لهم اليوم على تراب عفرين.

قد يراود للبعض ماهي المقاومة، وهل للمقاومة عناوين أو تعاريف، من يرغب بمعرفة معنى المقاومة فليزر حورية عمر، التي تمد كل زائر لها بالمعنويات والمقاومة.