Tev-Dem

كما رحل جميع الطغاة؛ سيرحل أردوغان ويبقى الكرد

348

قامشلو – على الرغم من المجازر العديدة التي ارتكبها الطغاة الذين حكموا كردستان بحق الكرد إلا أن الكرد ظلوا في أرضهم ورحل الطغاة، وكذلك أردوغان الذي خسر الورقة السورية أيضاً في ما يسمى بثورات الربيع العربي، سيرحل وسيبقى الشعب الكردي صامداً على أرضه.

منذ أن بدأت ما تسمى ثورات الربيع العربي حاول زعيم حزب العدالة والتنمية التركي رجب طيب أردوغان أن يروج للإسلام السياسي الذي يطبقه في تركيا، وأن يصدّر تجربته إلى العالم العربي، كي يعيد الأحلام العثمانية في السيطرة على المنطقة وحكمها من جديد، ويعلن نفسه خليفة للمسلمين في القرن الـ 21.

وتدخل أردوغان في شؤون كافة الدول عبر دعم مجموعات الإخوان المسلمين واستفاد من الوسائل الإعلامية القطرية في نشر هذا النموذج، بدءاً من تونس ولاحقاً في ليبيا ومصر وصولاً إلى سوريا. ولكن سياسات أردوغان بتصدير تجربته فشلت في كل البلاد، وبما أن سوريا مجاورة لتركيا كان التأثير التركي عليها أكبر وما زال مستمراً.

الدعم التركي للمجموعات المسلحة لم يتوقف منذ أن بدأ السوريون بالدفاع عن أنفسهم في وجه النظام البعثي، ولكن سرعان ما انحرفت الثورة عن مسارها بعد أن سعى أردوغان لتحقيق أطماعه في سوريا، فتحولت سوريا إلى مكان لتجميع الإرهابيين من مختلف أنحاء العالم.

هؤلاء الإرهابيون من جبهة النصرة وداعش وغيرها من المجموعات التي أنشأتها الاستخبارات التركية (الميت) والتي تشتق أسماءها من أسماء سلاطين تركيا ما كان لهم أن يدخلوا سوريا ويستمروا لولا أن حزب العدالة والتنمية التركي فتح الباب لهم عبر استقبالهم في المطارات ونقلهم عبر الحدود إلى سوريا، وتقديم الدعم العسكري واللوجستي لهم، إلى جانب الخدمات الصحية.

وما إن فشلت كافة المخططات التركية وفشلت مجموعاتها في فرض أجندات أردوغان داخل سوريا حتى بدأ الجيش التركي باحتلال أراضي سوريا مباشرة من جرابلس والباب بعد اتفاقات وتفاهمات مع مرتزقة داعش، بعد أن سحبت مرتزقة جبهة النصرة من حلب. وهذا الاحتلال أيضاً لم يحقق أهداف أردوغان خصوصاً أن شعوب الشمال السوري بدأت بتأسيس نظام ديمقراطي يجمع كافة المكونات وهذا ما هدد مخططات أردوغان في المنطقة، فوجه الأخير طائراته وجيشه نحو عفرين.

ومنذ 20 كانون الثاني المنصرم، أي منذ 30 يوماً، يشن جيش الاحتلال التركي والمجموعات الإرهابية هجوماً مكثفاً على عفرين، مستخدمين أسلحة وطائرات حلف الناتو. وعندما بدأت تركيا عدوانها على عفرين قال أردوغان إن الهجوم سيكون سهلاً ولن يستغرق سوى بضعة أيام.

لكن قوات سوريا الديمقراطية التي وقفت في وجه العدوان التركي أبدت، وما تزال، مقاومة بطولية في وجه العدوان، خلطت كافة مخططات أردوغان وجعلته يتخبط في سياساته أكثر فأكثر، لذلك سعى أردوغان للخروج على شاشات التلفزة وفي الوسائل الإعلامية يومياً كي يرفع من معنويات جنوده. واليوم مع مرور 30 يوماً نرى بأن رموز نظام أردوغان حلوا بدلاً منه في إصدار وإطلاق التصريحات، علّ أردوغان يحفظ قليلاً من ماء وجهه بعد أن ذهبت كل تهديداته أدراج الرياح.

تركيا بعدوانها على عفرين دخلت في مأزق لا تعرف كيف تخرج منه، وهذا ما دفع أردوغان لاستهداف المدنيين بشكل مكثف مستفيداً من الصمت الدولي حيال هذا العدوان الذي تسبب بفقدان ما يزيد عن 180 مدنياً وإصابة ما يزيد عن 450 آخرين.

أردوغان الذي يحاول جاهداً استعادة أمجاد الدولة العثمانية،  رغم مرور  100 عام  على انهيارها، لم يترك شيئاً في عفرين ولم يستهدفه، فاستهدف الأماكن الأثرية بطريقة مشابهة تماماً لما فعله مرتزقة داعش في الموصل إبان احتلالهم لها، واستهدف المنازل والمساجد، المراكز الصحية والمستشفيات ومراكز تصفية وتحلية المياه، إلى جانب مقابر الشهداء.

ورغم استخدام كافة صنوف الأسلحة لم يحقق جيش أردوغان الاحتلالي تقدماً كما كان يريده في عفرين، بل على العكس قُتل المئات من عناصر جيشه ومجموعاته المرتزقة وتدمرت دباباته وتحطمت طائراته على أسوار عفرين، وهذه المقاومة التي تبدى في عفرين جعلت الجميع يتحدثون عنها. مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الذي يتابع الأوضاع السورية منذ بداية الأزمة قال عن التطورات في عفرين: تركيا لم تحقق تقدماً ملموساً، وأعتقد أن تركيا ستهزم في عفرين كما انهزم داعش في كوباني.

النظام التركي كان يعول كثيراً على نزوح سكان عفرين، الذين يزيد تعدادهم مع النازحين الذين استقبلوهم عن مليون نسمة، منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان، إذ استهدفت الطائرات التركية في أول عدوان لها مدينة عفرين كي ترهب الأهالي وتدفعهم للنزوح، ولكن مرادها لم يتحقق حتى بقصف منازلهم مباشرة لم يترك الأهالي أرضهم.

وأثبت أهل عفرين قدرتهم على الصمود والوقوف صفّاً واحداً خلف قوّاتهم التي تخوض معارك ملحمية في الدفاع عنهم. شعب عفرين التزم بروح مقاومة الشيخ مقصود وروح مقاومة كوباني، وهم الآن يسطرون ملحمة جديدة، ويثبتون بأنهم لن يتخلوا عن قراهم ومدينتهم مهما كان الثمن، واختاروا لأنفسهم طريق المقاومة والنصر والعيش بكرامة أو الموت في سبيل وطنهم وأرضهم.

أردوغان الذي تلقى الضربات من شعب عفرين مدرك تماماً أنه بات يفقد الأوراق التي كان يؤثر بها في الوضع السوري، صعَّد من قصفه لعفرين واستخدم أسلحة محرمة دولياً، حيث استخدم غاز الكلور في قصف المدنيين وهذا ما يمكن اعتباره جرماً يستوجب تدخل مجلس الأمن لردع المستخدم.

استعمال أردوغان لهذه المواد السامة يعيدنا إلى التاريخ القريب، إذ أن الكرد تعرضوا للعديد من المجازر وإحدى هذه المجازر كانت بالسلاح الكيماوي الذي استخدمه النظام البعثي العراقي ضد الكرد في باشور كردستان، عندما فقد حوالي 8 آلاف كردي حياتهم في غضون ساعات في مدينة حلبجة.

أردوغان اليوم يستخدم المواد الكيمياوية في قصف سكان عفرين، مثلما فعل (علي كيماوي) علي حسن المجيد – الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي حينها صدام حسين- عام 1988. ولكن أردوغان نسي أن رموز النظام البعثي العراقي الذين استخدموا الكيماوي تعرضوا للمساءلة والعقاب نتيجة جرائمهم.

مثلما ذهبت رموز النظام العراقي وظل الشعب الكردي في باشور كردستان سيذهب أردوغان أيضاً وسيبقى الشعب الكردي ليس في روج آفا وشمال سوريا فقط، بل سيبقى الشعب الكردي في كل مكان، وسينال حقوقه بسواعد أبنائه.