Tev-Dem

فراس قصاص: خفض التصعيد وسيلة روسية استهدفت الفصائل العسكرية بشكل متقن

397

أوضح فراس قصاص السياسي السوري المعارض أن الأتراك والروس قد توصلوا منذ زمن إلى اتفاقيات تخص مصير جبهة النصرة و بقية الفصائل التي توجد داخل مدينة إدلب، مؤكداً أن استراتيجية مناطق خفض التصعيد لم تكن إلا وسيلة عسكرية روسية متقنة لاستهداف الفصائل العسكرية واحدة تلو الأخرى بشكل مدروس.

أجرت وكالة أنباء هاوار حواراً مع السياسي المعارض ورئيس حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية فراس قصاص للحديث حول آخر التطورات والمستجدات السياسية التي تمر بها مدينة إدلب ومصيرها بين الاتفاقيات والحروب المحتملة.

يأتي هذا في حين تتوجه الأنظار صوب إدلب التي يتوقع محللون بأنها على أعتاب عملية عسكرية قد يشنها النظام السوري لاستعادتها من يد مجموعات مرتزقة مدعومة من تركيا، أو التوصل مع الأخيرة لحل يسوّي وضع المنطقة التي تعتبر أكبر معاقل “معارضي النظام”.

والحوار على الشكل التالي..

·النظام السوري وروسيا يتحدثان عن بدء حملة على إدلب، بنظركم لماذا روسيا والنظام يستعدان للتوجه إلى هذه المنطقة بالذات؟

بعد أن تمكن النظام من إلحاق الهزيمة بالفصائل الإسلامية المسلحة التي يغلب عليها طابع التطرف والتكفير والعداء لقيم الديمقراطية والحرية والكرامة، والتي احتلت المناطق السورية في آذار من عام ٢٠١١، في كل من حلب والغوطة ودرعا، بات من الطبيعي أن تصبح إدلب المحطة القادمة التي وجب على روسيا أولاً والنظام ثانياً إيجاد حل لوضعها. ولا سيما أن هذه المحافظة قد تحولت إلى منطقة لتجميع المسلحين المتشددين الذين أبرموا اتفاقات تسليم لمواقعهم في مختلف أنحاء سوريا التي استعادها النظام بدعم روسي شامل وإيراني لا يقل زخماً عن الأخير. ناهيكم عن أن الكثافة السكانية في إدلب كانت قد  تضاعفت ووصلت إلى مستويات قياسية، وهما عاملان  يجعلان من تلك المحافظة منطقة تتطلب نموذجاً عسكرياً وسياسياً للتعامل معها مختلفاً عما سبق. وأميل إلى أن الروس يفكرون في أن يتعاملوا مع موضوع إدلب بأساليب مختلفة عما اتبعوه في درعا والغوطة وحلب . بالطبع تبقى كل السيناريوهات مفتوحة وممكنة بهذا الخصوص.

·إدلب تابعة لمناطق خفض التصعيد التي أُعلن عنها في اجتماع أستانا، وروسيا هي إحدى الدول الضامنة، واليوم روسيا ‎تتحدث عن حملة في تلك المنطقة، إلى ماذا يوحي هذا التصعيد، هل انهارت أستانا، أم هناك شيء آخر؟

في الحقيقة اتضح مما حدث في درعا على الأقل، أن استراتيجية مناطق خفض التصعيد لم تكن إلا وسيلة عسكرية روسية متقنة استهدفت منها هزيمة الفصائل العسكرية الواحدة تلو الأخرى بشكل ممنهج ومدروس، وليست مسألة الضمانات التي أعطيت حينها من قبل بعض الدول لاسيما روسيا و تركيا وإيران، وأحياناً الأردن و الولايات المتحدة (كما في حالة درعا)، إلا ضمانات مؤقتة يمكن الدوس عليها حين تتوفر الظروف الميدانية والسياسية المواتية، بات جلياً أن الدول الضامنة لم تكن حينها إلا دولاً متفقة ومتواطئة على الوضع السوري رغبة في حله وفقاً لرؤيتها ومصالحها وممكنات كل طرف وأوراقه في سوريا.

بهذا المعنى لم تنهر أستانا، وإنما اتضحت الغاية منها ورهانات الفاعلين فيها.

·الجميع يعلم بأن إدلب تسيطر عليها جماعات مسلحة على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، وهي جماعة مصنفة ضمن قائمة الجماعات الموصوفة بالإرهابية عالمياً، وهي مدعومة من قبل تركيا، السؤال، إلى أين تتجه العلاقات التركية –الروسية في ظل هذا التصعيد؟

أستبعد أن يغامر أردوغان و يمضي قدماً في إغضاب بوتين، لذلك أميل إلى أن الأتراك والروس قد توصلوا منذ زمن إلى تفاهمات أو شبه تفاهمات بخصوص إدلب. وبالطبع على مصير النصرة وبقية الفصائل التي تحتل المدينة، وسواء جرت كما تحدثت بعض التسريبات عملية إعادة هيكلة للفصائل المتطرفة بإعطائها طابعاً عسكرياً وسياسيا جديداً وإبعاد المتشددين الأجانب عنها وعن سوريا أو سارت الأمور في منحى آخر، أستبعد تماماً أن تقع كل من تركيا و روسيا على طرفي نقيض بما يخص هذا الموضوع.

·برأيكم ما هو مصير إدلب، هل ستشهد حرباً طاحنة، أم أن مصيرها سيكون كمصير حلب وباقي مناطق خفض التصعيد أي الغوطة الشرقية والجنوب؟

برأيي أن إدلب ستكون المرحلة الأصعب التي ستواجه الدول الفاعلة والمهيمنة على سوريا هذه الأيام، هذا إن رجح السيناريو العسكري فيها على ما عداه، فوضع المقاتلين وعديدهم في إدلب بوصفها المعركة الأخيرة وتواجد ملايين المدنيين والنازحين فيها سيجعل من المحصلة هناك في حال تحقق هذا السيناريو خرافية الوجع ومأساوية أبعادها مدوية للغاية, أعتقد أن جميع السيناريوهات تظل ممكنة، حتى المجنونة منها، هذا ما أفرزته تفاعلات الحدث السوري الأخيرة وتحصيلاته.

· ‎في حال حدوث معركة إدلب، هناك مناطق أخرى محتلة من قبل تركيا، كجرابلس، إعزاز، عفرين والباب ومناطق أخرى، ماذا سيكون مصير هذه المناطق في ظل التصعيد في الشمال الغربي لسوريا؟

حتى الآن تبدو المعايير التي تخضع لها المناطق المحتلة من قبل تركيا بعيدة تماماً عن تلك التي تحكم إدلب ومصيرها، أميل إلى أن هذه المناطق ستستخدم كوسائل ضغط تركية، لتحقيق مصالح تركية إبان التوصل إلى صيغة نهائية للحل السياسي في سوريا.

إدلب ليس واضحاً في أي مساحة للهيمنة ستنضوي، التركية أم الروسية، هل توصل الطرفان إلى اتفاق بحدود واضحة  حول المدينة أم لا؟، ستظل الإجابات في الأيام القادمة وقبل وضوح الصورة من خلال الأحداث المنتظرة، ممتزجة بأسئلة دوماً.

·من سيكون الفريسة في هذه المعركة.. 

بالتأكيد هم أهلنا المدنيون الذين يسكنون إدلب الآن ولا أحد سواهم، سيكونون الفريسة الرئيسية وبالمعنى القريب والمباشر هم من سيدفعون الفاتورة من حياتهم وسلامتهم وشروط عيشهم في حال اندلعت هذه المعركة في الفترة القريبة القادمة.