Tev-Dem

صالحة: تركيا لن تقطع علاقاتها بروسيا من أجل الشعب السوري

394

أوضح الكاتب والأكاديمي من السويداء د. مهيب صالحة أن في كل مرة يتواطأ فيها الطرف التركي مع الروسي يقبض الثمن على حساب أطراف من الشعب السوري، موكداً أن هذه المرة في إدلب لن تصل الأمور بينهما حد القطيعة لأنهما يدركان أهمية العلاقات بينهما وخاصة الاقتصادية ولن تكون سورية موضع خلاف وقطيعة بينهما طالما يستطيعان تقاسم النفوذ والمصالح بينهما على حساب الشعب السوري.

قال الكاتب والأكاديمي مهيب صالح” إذ لم تثمر المفاوضات الدولية غير المعلنة عن تفاهمات فإن هذا الإرهاب سيبقى يمارس وظيفته في جنوب سورية من البادية السورية وفي شمالها ووسطها ستتحول إدلب إلى ما يشبه تورابورا في أفغانستان ويتم استخدام الإرهاب فيها من قبل دول إقليمية وأجهزة مخابرات دولية لتمرير مصالحها على حساب دماء السوريين”.

جاء ذلك خلال حوار أجرته وكالة أنباء هاوار مع الكاتب والأكاديمي من السويداء د. مهيب صالحة عن التطورات التي يشهدها جنوب سوريا بالتزامن مع استعداد النظام السوري شن حملة على محافظة إدلب.

والحوار كالتالي:

كيف تقيمون آخر التطورات التي تشهدها مناطق جنوب سوريا؟

قد يبدو أن المسألة السورية تشرف على نهايتها، لكن واقع الأمر ستكون العملية السياسية أعقد بكثير من العمليات العسكرية التي استمرت سبع سنوات كان فيها الكثير من الكر والفر بين جميع الأطراف المتقاتلة، إلا أن التدخلات الخارجية وبخاصة التدخل الروسي العسكري المباشر قد قلب الطاولة العسكرية وربما فيما بعد السياسية على أعقابها، توّجها باتفاقات وتفاهمات أستانا مع شريكيه في التدخل العسكري المباشر إيران وتركيا وتحت رقابة حثيثة من المتدخل الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلف ستارتها اسرائيل.

بالتزامن مع التطورات التي تشهدها مناطق جنوب سوريا، هناك حديث عن استعداد النظام السوري لشن حملة على محافظة إدلب. برأيكم هل النظام السوري في حال القيام بهذه الحملة سيكون حسب باقي المناطق أي بالاتفاق أم سيكون الخيار العسكري هو سيد الموقف؟

لقد كانت مناطق خفض التصعيد المنبثقة من أستانا مناطق مؤقتة لمرحلة يحتاجها المتدخلون من أجل ترتيب أوضاعها للمرحلة التالية سياسية الطابع. ومنذ تسليم حلب الشهباء للطرف الروسي بتواطؤ  تركي مقابل جرابلس واعزاز والباب ودخول القوات التركية إلى الشمال الغربي وحتى تسليم الغوطة الشرقية مقابل عفرين إلى تسليم المنطقة الجنوبية مقابل إبعاد إيران عنها تمهيداً للمطالبة بخروجها من كل سورية . وقد جاء الهجوم الداعشي الغادر القذر لمدنيين سوريين من الريف الشمالي والشرقي لجبل العرب الأشم المحاذي للبادية السورية حيث نقل مرتزقة داعش القلمون الغربي ومخيم اليرموك والحجر الأسود إليها بالباصات الخضر المكيفة وبمرافقة أمنية وعسكرية من النظام وحزب الله جاء في سياق الصراع الدولي على المنطقة الجنوبية وجبل العرب تحديداً وخاصة بين إسرائيل وإيران كما أريد منه توصيل رسالة روسية لأهل الجبل أن يسلموا السلاح وأن يلتحق الأبناء في الخدمة الإلزامية والاحتياطية كخزان بشري للحرب القادمة التي يحضر لها النظام وحلفائه في إدلب.

ماذا سيكون موقف تركيا إن شن النظام حملة على محافظة إدلب؟

في الوقت ذاته جاءت رسالة تركيا إلى روسيا التي سميت الورقة البيضاء لتفتح بازاراً بينهما حول إدلب يقضي باستلام تركيا السلاح الثقيل والمتوسط وتشكيل جيش وطني من الفصائل التي تجمعت في إدلب ودخول مؤسسات الدولة السورية إليها وإدارة المناطق بمجالس محلية ، وهي خارطة طريق لإدلب تشبه إلى حد بعيد إقليم شرق الفرات الذي ترعاه وتسانده الولايات المتحدة الأمريكية . كما أشاعت صحيفة يني شفق التركية عن مباحثات روسية ـ تركية لتسليم حلب لتركيا وضمها إلى منطقة نفوذ تركيا. إن تقديم خيار سياسي في مواجهة الخيار العسكري الذي لن يكون سهلاً كما في الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية حيث في إدلب 3.5 مليون نسمة وأكثر من مائتي ألف مقاتل مدعومين من دولة إقليمية مهمة كتركيا ـ ليس لهذا الخيار من فرصة إلا إذا تخلت تركيا عن إدلب كما تخلت غرفة عمليات الموك عن المنطقة الجنوبية ـ لكن هذا التخلي له ثمن تريد تركيا أن تقبضه من روسيا في الشمال السوري الغربي والشرقي ومن حساب الكرد السوريين.

ماذا سيكون تأثير حملة إدلب على العلاقات بين تركيا وروسيا,  وهل ستكون الحملة سبب قطع العلاقات بينهم، وخاصة أنها آخر منطقة ضمن مناطق خفض التصعيد، بعد أن سيطر النظام السوري على باقي المناطق؟.

في كل مرة يتواطأ فيها التركي مع الروسي يقبض الثمن على حساب أطراف من الشعب السوري وهذه المرة في إدلب لن تصل الأمور بينهما حد القطيعة إذ يدرك الطرفان أهمية العلاقات بينهما وخاصة الاقتصادية ولن تكون سورية موضع خلاف وقطيعة بينهما طالما يستطيعان تقاسم النفوذ والمصالح بينهما على حساب الشعب السوري وخاصة أن ما حصلت عليه تركيا من روسيا في سورية لم تكن تحلم بالحصول عليه من أمريكا ،  بل ربما يتعزز التعاون بين البلدين أكثر في المنطقة الشمالية الغربية وامتداداً إلى إدلب والريف الحموي الشمالي وريف اللاذقية الشمالي مقابل دعم تركيا سورية المفيدة كما تراها روسيا تحت سيطرة نظام الأسد . فإذا حصلت التوافقات الدولية سواء في شمال سورية بين الأمريكي والروسي والتركي أو في جنوبها بين الأمريكي والروسي والإسرائيلي والإيراني فإن الإرهاب الدولي في سورية متمثلاً بداعش والنصرة وبعض الفصائل الإسلامية الأخرى سيكون قاب قوسين أو أدنى من نهايته أو نقله إلى مكان آخر ليعبث به.

هل ستكون حملة إدلب بداية لنهاية الإرهاب وما تسمى بالمعارضة وأيضاً نهاية الأزمة السورية ؟.

إذا لم تثمر المفاوضات الدولية غير المعلنة عن تفاهمات فإن هذا الإرهاب سيبقى يمارس وظيفته في جنوب سورية من البادية السورية وفي شمالها ووسطها ستتحول إدلب إلى ما يشبه تيرابورا في أفغانستان يتم تشغيل الإرهاب القادم منها من قبل دول وأجهزة مخابرات ضد مصالح دول وأجهزة ومخابرات على حساب دماء ومصالح السوريين التي لن تتوقف عن النزيف طالما لم يتوصل المتدخلون والفاعلون إلى اتفاق سياسي نهائي  للمسألة السورية ، ولكن في جميع الأحوال فإن الشعب السوري هو الغائب الحاضر عن وفي أي اتفاق دولي لأن أي اتفاق سيفصّل على مقاس الدول المتدخلة والفاعلة.