Tev-Dem

جبل الشيخ بركات من مزار إيزيدي إلى مقر للمجموعات المرتزقة

588

نورهات حسن

عفرين- يعتبر جبل الشيخ بركات أعلى جبل في المنطقة الواقعة بين محافظتي حلب وإدلب، ويتواجد على ذروته ضريح الشيخ بركات الذي يعتبر من أقدم المزارات الإيزيدية، لكن الجبل الآن تحت رحمة مرتزقة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

يعتبر جبل الشيخ بركات من أهم النقاط الاستراتيجية بين محافظتي حلب وإدلب، حيث يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر حوالي 1000 متر، كما يتواجد فيه أقدم المزارات الإيزيدية.

لمحة عن جبل الشيخ بركات

الجبل شهد على عدة عصور؛ ومنها العصر الروماني وفترة حكم العثمانيين في المنطقة، الشيخ بركات ظهر قبل حكم العثمانيين لمنطقة بلاد الشام، وبحسب أهالي قرية باصوفان الإيزيدية فإن الشيخ بركات كان رجلاً إيزيدياً صالحاً في المنطقة، حيث كان يكن له الاحترام من قبل الكل.

بالعودة إلى المراجع والتاريخ فإن المنطقة قبل حكم العثمانيين لها كانت منطقة إيزيدية، لكن بعد قمع العثمانيين لسكانها منهم من تهجر ومنهم من اعتنق الديانة الإسلامية، وهذا ما يؤكد للإيزيديين أن الشيخ بركات كان إيزيدياً، في حين أن أهالي شنكال التي يتواجد فيها المزار الإيزيدي “لالش” ما زالوا حتى الآن يقولون إن هناك جبلاً يسمى جبل الشيخ بركات يعتبر مزاراً لهم وإن المسلمين استولوا عليه.

وبحسب بعض الشيوخ الإيزيديين في قرية باصوفان فإن الشيخ بركات توفي قبل أكثر من 500 سنة، وليس هناك رقم محدد لعمر الشيخ بركات.

فيما يتواجد مزار آخر في قرية باصوفان يسمى مزار الشيخ علي، وبحسب أهالي القرية فإن الشيخ علي هو شقيق الشيخ بركات، ويزور أهالي القرية مزار الشيخ علي كل يوم أربعاء يطلبون تحقيق أمانيهم منه.

ليس الإيزيديون فقط من يزورون ضريح الشيخ بركات

كل الطوائف في المنطقة تعتبر مزار الشيخ بركات مقدساً بالنسبة لهم وأنه هو من يحقق أمانيهم، فبحسب مواطني قرية باصوفان فكل من لم يمنحه الله أطفالاً كان يزور ضريح الشيخ بركات فيرزقه الله بطفل والدليل على ذلك المواطن أحمد علو من قرية باصوفان، الذي لم  يرزق بأطفال ذكور وعندما زار ضريح الشيخ بركات منحه الله طفلاً فسماه بركات على اسم الشيخ بركات.

عدة طوائف في المنطقة تحاول نسب الشيخ بركات إلى نفسها

يحاول الدروز في سوريا نسب الشيخ بركات إلى طائفتهم، كما أنه، وعبر وسائل إعلام تابعة للنظام، يتم الترويج بأن الجبل هو مزار درزي.

وتعليقاً على الأمر التقت وكالتنا مع الشيخ الإيزيدي فايق جمو قاسم البالغ من العمر 60 عاماً وله اطلاع على تاريخ الجبل والشيخ بركات، حيث أكد قاسم أن الشيخ بركات كان إيزيدياً “أجدادنا كلهم أكدوا لنا أن الشيخ بركات كان رجلاً إيزيدياً، وبحكم أن كل أهالي المنطقة كانوا إيزيديين فإن الشيخ بركات كان إيزيدياً أيضاً، نعم كافة الطوائف تزور المقام، لكن بالأساس الشيخ بركات كان إيزيدياً، وما يدل على ذلك هو تواجد مزار الشيخ علي الإيزيدي في قريتنا، إضافة إلى ذلك فالجبل يقع ضمن جغرافية كردستان”.

وقال الشيخ فايق بأن هناك ثلاثة أنفاق تؤدي من مكان ضريح الشيخ بركات إلى ثلاث مناطق مختلفة وتابع “أنا بذات نفسي دخلت إلى مكان الضريح ورأيت ثلاثة منافذ وبعد أن سألت قالوا لي إنها أنفاق والأول يؤدي إلى سهول محافظة إدلب والثاني يؤدي إلى سهل حمق: الواقع ما بين مقاطعة عفرين وباكور كردستان والثالث يؤدي من الجبل إلى قلعة سمعان”.

وتابع الشيخ فايق “عندما كنا نزور الضريح كنا نأخذ معنا أضحية؛ خاروفاً أو عجلاً أو أي شيء ونذبحها هناك ونطالب بتحقيق أمانينا، ومن ثم نوزع لحم الأضحية على الفقراء”.

وأوجز الشيخ فايق قصة الشيخ بركات وقال “في ذلك العصر كان هناك أشخاص خارجون عن الطاعة ومتوحشون في الجبل، فلم يجد الحاكمون في ذلك الوقت سوى الشيخ بركات لكي يقضي على تلك الجماعة، فقضى عليهم كلهم واستشهد في الجبل، لذلك الطائفة الإيزيدية تعتبره شهيداً لها”.

وأشار فايق إلى إن الإيزيديين الذين لا يستطيعون الحج في مزار لالش في شنكال يأتون إلى جبل الشيخ بركات بدلاً عنه.

الوضع الحالي للجبل

بعد سيطرة جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً) على كامل محافظة إدلب وقع الجبل في يدهم، مما عرض الجبل لضربات جوية، وبحسب مصدر مطلع من المنطقة فإن هذا ما جعل جبهة النصرة تحفر أنفاقاً في الجبل توصله بالمناطق المتاخمة له مثل دارة عزة وغيرها لتلافي تأثير الضربات الجوية.

وبحسب الشيخ فايق فإن جبهة النصرة فجرت مكان ضريح الشيخ بركات لكي تمحو التاريخ الكردي من الوجود، كما أشار الشيخ فايق إلى أنه عند الوقوف على ذروة الجبل تظهر حلب وإدلب وعفرين بسهولها ومدنها جليةً.

وفي أعقاب اجتماعات أستانا حاولت تركيا أن تمركز جنودها في الجبل الاستراتيجي، لكن بعد المعارك الأخيرة بين مرتزقة هيئة تحرير الشام ومرتزقة أحرار الشام لم تسمح هيئة تحرير الشام بذلك، ليكون أكثر الجبال استراتيجية في المنطقة والمزار الإيزيدي بيد جماعات إرهابية.

والآن يستخدم مرتزقة هيئة تحرير الشام الجبل لقصف قرى ناحية شيراوا مثل باصوفان وبعية، حيث ركزت فيه العشرات من مدفعياتها.