Tev-Dem

رضى آلتون يكشف لـ “بوابة الأهرام” تفاصيل جديدة حول ما يدور خلف الكواليس في تركيا

325

قال عضو الهيئة التنفيذية في حزب العمال الكردستاني ومسؤول لجنة العلاقات الخارجية رضى آلتون :” أردوغان حرض الشعوب العربية بهدف إحياء الدولة العثمانية، ولم تتغير جوهر سياساته الاستعمارية ضد الشعب العربي والكردي، وسبب ذهاب أردوغان إلى الانتخابات المبكرة هو أنه يرى غده أسوأ من يومه الحالي، لأن كل سياساته الخارجية والداخلية وصلت إلى طريق مسدود”.

جاء حديث رضى آلتون في حوار مع “بوابة الأهرام” المصرية وخلالها كشف تفاصيل جديدة بخصوص ما يدور خلف الكواليس في تركيا بالشكل الذي يؤثر على كل دول المنطقة.

ورداً على سؤال.. كيف ترون تهديدات أردوغان المستمرة باقتحام قواته شمال العراق بحجة القضاء على حزب العمال الكردستاني؟

قال آلتون:” يجب تقييم تهديدات وهجمات أردوغان وحكومة العدالة والتنمية على منطقة قنديل وشمالي العراق في إطار سياساته في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وليس بشكل مجرد وكأنها حالة منعزلة عنها. في عام 2011 عندما خرجت الشعوب إلى الساحات وخاصة في البلدان العربية بمطالب مختلفة، لكنها كانت معقولة، كان أردوغان وحكومته يحرضون الشعوب العربية بهدف إحياء الدولة العثمانية من جديد، وعلى هذا الأساس دعم المجموعات الإسلامية المتطرفة في مصر وليبيا، وساهم في انتشار التنظيمات كجبهة النصرة وداعش في فترة قصيرة من عام 2014 أيضاً حيث كان دعم أردوغان وحكومته لهم في إطار نفس السياسة التي كان يتبعها أردوغان.

وكانت أولوية أردوغان وحكومته في هذه الفترة فرض هيمنتهما على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طريق هذه المنظمات، وبالقوة المتخذة من هذا الهدف كان هدفه الثاني تصفية حركة التحرر الكردية، لكن مع انهيار هذه السياسات في مصر وليبيا، واتخاذ العالم قرار الحرب على المنظمات الإرهابية مثل جبهة النصرة وداعش، أفلست كل هذه السياسات، وبالعكس من تمنيات أردوغان وحكومته لم يتم تصفية الأكراد أيضاً، بل على العكس نالوا أدواراً مهمة في الحرب ضد داعش وحصلوا على مكاسب كبيرة، مما أدى إلى تغيير أردوغان وحكومته لأولوياتهم، فكان تصفية حركة التحرر الكردية هو الهدف الأول في مطلع 2015 بينما أصبح فرض الهيمنة على الشرق الأوسط هو الهدف الثاني.

في الحقيقة لم تتغير جوهر سياساته الاستعمارية ضد الشعب العربي والكردي، ما تغير فقط كان التسلسل في الأولوية فقط، كان يريد استهداف العرب أولاً ومن ثم الأكراد من عام 2011 حتى عام 2015، ومنذ ذلك الحين أصبح الأكراد هم الهدف الأول ومن ثم العرب، فالتهديدات على جبل قنديل بالعراق أو على عفرين بسوريا هي نتاج لهذه السياسات، والهدف هو تصفية الأكراد، احتلال أراض سورية وعراقية وبقاؤه فيها وفرض الهيمنة على الأراضي العثمانية القديمة خطوة بخطوة.

ما رأيكم في صمت الحكومة العراقية إزاء تصريحات أردوغان باقتحام الحدود المشتركة مع العراق ؟

في الحقيقة إن الحكومة العراقية ليست صامتة حيال الهجمات، حيث صرح العديد من المسئولين في الحكومة ومن بينهم رئيس الوزراء بأن الهجمات هي اعتداء على السيادة والأراضي العراقية، وبأنه أمر غير مقبول.

والشعب العراقي بما فيهم القوى السياسية على دراية كاملة بأن لأردوغان وحكومته دورا كبيرا في الأزمة التي يمر بها العراق منذ عام 2014، لكن لديهم مشاكلهم الداخلية وبعض من المعضلات، ولهذا السبب لا يمكنهم التدخل في الأمر بشكل فعلي، وأن قوات الحكومة المركزية العراقية غير متواجدة في الأماكن التي توغلت فيها القوات التركية أساساً، وأيضاً القضية الكردية المعقدة والاستفتاء الذي جرى في الآونة الأخيرة أقلق الدولة العراقية.

لهذا لا تريد مواجهة الدولة التركية مباشرة، وترى بأن تمسك العصا من الوسط بين التهديدين التركي والكردي، فتجدها ضد التهديد التركي مع الأكراد وضد التهديد الكردي مع التركمان، لكن ثمة خط رفيع جداً على الدولة العراقية رؤيته، فتركيا بالذات هي من هيأت الأرضية لحركة البارزاني في موضوع الانفصال عن العراق، وأُبرم اتفاق النفط معهم بعيداً عن إرادة الحكومة المركزية.

فتركيا وضعت قواتها العسكرية في شمالي العراق وعاملتهم كدولة مستقلة تقريباً، تركيا فعلت كل هذا لجر الحزب الديمقراطي الكردستاني، ضد حزب العمال الكردستاني والعراق في نفس الوقت، والدولة التركية تريد استغلال بعض من الأحزاب الكردية من جهة، وتحتل أراضي كردستان العراق من جهة آخرى، وفي كلتا الحالتين تركيا تتبنى سياسة معادية للعراق، فالأكراد هم ليسوا الخطر على العراق، بل حكومة العدالة والتنمية وأردوغان هم الخطر عليها بسياساتها العثمانية، لهذا يجب على العراق احتضان الأكراد في إطار الدستور، وأن حماية السيادة العراقية سيتم بالعرب والكرد معاً.

ما الذي يحدث على الأرض في الشمال العراقي وخصوصاً في منطقة جبل قنديل؟

منذ ثلاثة أشهر والجيش التركي توغل في منطقة “برادوست” الواقعة في شمال شرقي العراق والتي تبعد عن قنديل حوالي 70 : 80 كلم، وخلال هذه الفترة لم تسيطر قوات الجيش التركي إلا على بعض من التلال. وقواتنا “الكريلا” -الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني- تنفذ عمليات عسكرية بشكل مستمر على هذه المحاور وألحقت أضراراً كبيرة بالجيش التركي والميليشات المعاونة له، وتم نشر بعض من الفيديوهات عن هذه العمليات، أما بالنسبة لقنديل والمناطق الآخرى فهناك قصف للطائرات عليها بشكل مستمر، ولكن لا توجد أي قوة عسكرية تركية فيها.

ما عدد القواعد العسكرية التركية في الشمال العراقي .. وما مدى تأثيرها في الحرب الدائرة بين حزب العمال وقوات أردوغان؟

لدى الدولة التركية حوالي 20 قاعدة ومعسكر للقوات العسكرية والاستخباراتية في شمالي العراق، وتتمركز أغلبها في مناطق مثل بامرنا، وكاني ماسي، وباتوفا، وزاخو، وشيلادزي، وبعشيقة، وبابشين، وهذه المعسكرات وفيها شتى أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، ويتم استخدامها في شتى العمليات العسكرية والاستخباراتية حتى الآن، وبعض الأحيان يتم استهداف هذه القواعد من قبل قواتنا “الكريلا”، وحتى الآن سياستنا منعت لجر الحرب إلى الأراضي العراقية، لكن استهداف القوات التركية عمق الأراضي العراقية سوف يحول هذه القواعد إلى ميدان للاشتباكات بشكل مؤكد.

أما رداً على سؤال.. ما تعليقكم على سير العملية الانتخابية في تركيا وكيف تقيّمون حظوظ أردوغان؟

أجاب آلتون:”  انتخابات 24 يونيو الجاري لها أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا والشرق الأوسط، وتشكل مفترق طرق مهم بالنسبة لهما، لأن سياسات أردوغان وحكومته خارجياً وداخلياً خلال السنوات الأخيرة، كانت سبباً في حروب كبيرة وتخندق الأطراف في الشرق الأوسط.

ولدى أردوغان وحكومته دور في كل الحروب التي جرت في ليبيا، مصر، سوريا والعراق، وكان العائق أمام إيجاد الحلول في سوريا والعراق هو نظام أردوغان وحكومة العدالة والتنمية، في الداخل يطبق استبداداً كبيراً على كل معارضيه وأولهم الأكراد، وإن صح الكلام فتركيا باتت سجناً مفتوحاً، لهذا، فانتخابات 24 يونيو ينظر إليها بمثابة فرصة للخلاص من هذا الوضع، وجزء كبير من المجتمع بات يحس بالمشاكل التي تتعارض وحياتهم اليومية نتيجة سياسات حكومة أردوغان الخاطئة خارجياً وداخلياً، لهذا يلاحظ طلب كبير من المجتمع للتخلص من أردوغان وحزبه، أردوغان يخاطب مشاعر الناس ويرهبهم ويخيفهم إن لم ينجح بأن البلاد ستتجه نحو المجهول، في انتخابات 2015 خاطب أردوغان مخاوف الشعب واستمر بها حتى الآن، الشعب لا يريد أن يعيش مع المخاوف بعد الآن بل يريد السير نحو الأمل.

ما تقييمكم لفرص صلاح الدين تميرتاش في الانتخابات وهل لو فاز في الانتخابات سيظل خلف القضبان؟

الوضع معقد وشائك وغير واضح في الانتخابات التركية، هناك مطالب كبيرة من الشعب للتخلص من أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين تميرتاش يملك شعبية كبيرة من فئات عديدة من الشعب، ولديه دعم كبير وقوي يخوله للبقاء للجولة الثانية.

ما سبب تعجيل أردوغان بالانتخابات الرئاسية في تركيا؟

سبب ذهاب أردوغان إلى الانتخابات المبكرة هو أنه يرى غده أسوأ من يومه الحالي، لأن كل سياساته الخارجية والداخلية وصلت إلى طريق مسدود.

حيث تشتت المجتمع بشكل كبير جداً في الداخل، وفي حال عدم إجراء أي تغييرات على هذه الحالة لا مفر من الصراعات والنزاعات الخطيرة في المجتمع، كما أن سياسة الحروب والتلاعب التجاري أدت بالاقتصاد التركي إلى نقطة الإفلاس، ولتفادي هذه الأزمة الاقتصادية سيضطر لتطبيق سياسة رفع الضرائب والضغط على الشعب.

وفي السياسة الخارجية وخاصة في سوريا بات منحصراً بين روسيا والولايات الأمريكية المتحدة، وعليه أن يختار أين مكانه خاصة في إدلب، وعفرين والباب وجرابلس، كل هذه المسائل ستكون سبباً لتضييق الخناق على أردوغان بشكل جدي، لذا، قرر خوض الانتخابات المبكرة لتوطيد وتأمين سلطته أولاً ومن ثم الاستمرار بسياساته القديمة من جديد. لأن التعامل مع المجتمع وحلفائه بالشكل الحالي لسياساته ستشوه علاقته بهم أكثر بكثير مما هو عليه الآن، ومن الصعب جداً على أردوغان العثور على حلفاء جدد يثقون به.

ما مدى قوة الصوت الكردي في الانتخابات ؟

نسبة أصوات الأكراد في تركيا تزيد عن 20% تقريبًا، وهناك ضغوطات كبيرة على الأكراد من قبل الدولة، فنظام الحكم هو نظام فاشي إلى أبعد الحدود، حيث تم إقصاء 103 من الرؤساء المشتركين للبلديات المنتخبين من الأكراد من مناصبهم وتم الزج بهم في السجون، كما أن النواب الأكراد معتقلون في سجون الدولة، مع قرابة 10 آلاف سياسي كردي، ولا شك بأن كل هذه الضغوطات تؤثر سلبًا على الأكراد ونتائج الصناديق، لكن بالرغم من كل هذا ما يزال الأكراد يقاومون ويدافعون عن إرادتهم بقوة.

هل أردوغان قادر على انتشال الاقتصاد التركي من الغرق خصوصاً بعد فقدانه الأسواق العربية بسبب مواقفه العدائية؟

المشاكل الاقتصادية في تركيا عميقة وبنيوية، لأن اقتصاد تركيا متوقف على الإنتاج، وكان الإنتاج يتزايد عن طريق السيولة المالية التي كانت تدخل تركيا، هذا ما كان يجعل من المنتجين يشعرون بالأمن والاستقرار، لكن الاشتباكات التي دخلت فيها تركيا داخلياً وخارجياً قضت على هذا الأمن والاستقرار المحدودين، وسياسات الحروب ومشاريع البناء الميتة أدت إلى نكسة كبيرة في الاقتصاد التركي، ولك أن تعلم أن تركيا التي كانت بلد الزراعة والموارد الحيوانية أصبحت تستورد القمح والشعير وكل شيء من الخارج، باختصار تحسن الوضع الاقتصادي في تركيا من جديد يتطلب مرحلة طويلة.

هل ترون في الأفق ضوءاً ينهي معاناة الشعب الكردي ؟

يجب توضيح هذه النقطة تحديدًا .. فليس مهماً إن فاز أردوغان في الانتخابات أو خسرها، لأن تحرر الأكراد بات قريباً وليس ببعيد، وفي حال إصرار أردوغان في سياساته هذه، فإن تركيا ستشهد تصدعات وانكسارات كبيرة في مشاكلها الداخلية والخارجية.

حال الدولة التركية التي كانت للبعض بمثابة الدولة النموذجية في الشرق الأوسط، قبل 10 أعوام والرئيس النموذجي، باتت مكشوفة وواضحة ومفضوحة، والعداء مع الأكراد والحرب عليهم أوصل أردوغان إلى هذه الحال، لهذا، فإن اختياره لنفس الأساليب الخاطئة سوف يؤديه به إلى نفس النتائج.