Tev-Dem

د. عاكف كوباني: ملتزمون بأداء واجبنا المقدس

390

الدكتور عاكف كوباني و الذي منذ بداية هجمات تنظيم داعش الإرهابي على كوباني, يشارك في جميع الحملات ضدّ التنظيم, يدعو جميع الأطباء الملتزمين بقسم “أبقراط” والمؤسسات المعنية إلى دعم شعوب شمال سوريا.كلّ من على اطلاع ويراقب عن كثب الثورة في روج آفا وشمال سوريا فلا بدّ له أنّ يعرف الدكتور عاكف كوباني.الدكتور عاكف ومنذ بداية الثورة ملتزم معها ويقوم بواجباته كطبيب. مع بداية هجمات تنظيم داعش الإرهابي,  كان متواجداً في ساحات المعركة يعالج المصابين منالمدنيين والعسكريين وفيما بعد كان موجوداً في حملة الهول, الشدادي, الرقة, الطبقة واليوم في حملة عاصفة الجزيرة لتحرير دير الزور.عاكف وبعد أن التقينا به في دير الزور التقينا به مرة أخرى في مدينة قامشلو. وهو الذي لم يتمكّن من التوجّه إلى عفرين خلال شهرين من المقاومة, وهنا يتحضّر للتوجّه إلى مناطق الشهباء لتقديم خدماته الطبية لعشرات الآلاف من مهجري عفرين.

هذا الإنسان وهب حياته للشعب والإنسانية, ولهذا بات معروفاً ومحبوباً من قبل جميع مقاتلي قوّات سوريا الديمقراطية (QSD) والشعب. وخلال تواجدنا معه, كانت الاتصالات ترد إلى هاتفه بشكل كبير والجميع كان يسأل عن صحّته ومكان تواجده.

في حوارنا معه, تحدّث الدكتور عاكف كوباني عن الثورة في شمال سوريا ودوره في ساحات المعارك.“قلّة عدد الأطبّاء”

مع بداية المعارك, تحدّث لنا الدكتور عن بدايات الأزمة في سوريا والثورة في روج آفا موضحاً أنّه في ذلك الحين كان عدد الأطباء المتمكّنين والمتدربين قليل جداً. لهذا قرّر عدم إتمام دراسته في كلية الطب والتوجّه إلى ساحات الثورة.وأضاف بالقول: “منذ العام 2011 تشهد سوريا أزمةً وحرباً طاحنه وإلى اليوم نشهد هنا مرحلة ثورية. وكما بات معروفاً للجميع, الشعب الكردي, العربي, الأرمني وجميع المكونات الأخرى انضمّوا إلى الثورة بشكلٍ مشترك ونحن كأبناء شمال سوريا في مرحلة ما كنّا لا نزال في جامعاتنا لإتمام دراستنا”.

وأوضح عارف أنّه ومع تحوّل مسار الثورة وبداية المعارك “كنت لاأزال في الجامعة وباتت الظروف غير مساعدة لإتمام الدراسة. بعد هذا بدأت المعارك تتمدد إلى روج آفا وكان عدد الأطباء المتدربين في تلك الفترة قليل جداً. وكانت الثورة بحاجة إلى من ينضمّ إليها من ناحية الخدمات الطبّية وفي تلك الأثناء قرّرت الانضمام والمشاركة فيها”.

“في جميع الحملات كنّا إلى جانب المقاتلين” 

ومع بداية انطلاق المعارك في روج آفا انضمّ الدكتور عاكف إلى الفرق الطبّية العاملة في لواء الثورة. لكنّ مسيرته الطبية بدأت العام 2014 مع بداية الهجمات على مدينة كوباني. ومنذ تلك المرحلة هو وزملاؤه إلى جانب مقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة (YPG/YPJ) وقوّات سوريا الديمقراطية (QSD) في جميع الحملات.

 

عاكف الذي معروفٌ ومحبوبٌ من قبل جميع المقاتلين والمدنيين في المناطق المحررة, أشار خال حديثه لنا أنّه: “كما تعلمون في الشهر التاسع من العام 2014 بدأ تنظيم داعش الإرهابي بالهجوم على مدينة كوباني, في تلك الأثناء انضممت إلى الفرق الطبية العاملة في ساحات المعارك.

في كوباني حقيقةً حدثت معارك عنيفة وكان ثمن تحريرها تضحيات عظيمة. داعش كان العدو الذي لا يعترف بحقوق الإنسان ولا يتمتع بالإنسانية والأخلاق. بعد تحرير كوباني بدأت معركة الشعب الكردي ضدّ داعش وانتفض الجميع كباراً وصغار وحتّى المرأة الكردية كانت لها الدور الأبرز في محاربة التنظيم.

كأطباء وعاملين في قطاع الصحة في شمال سوريا كان قرارنا أيضاً البقاء إلى جانب مقاتلي YPG/YPJ وQSD ضدّ العدو الذي قتل أمهاتنا, أباءنا وأطفالنا. شاركنا في حملة تحرير منبج و بعدها في حملة تحرير الرقة. واليوم نشارك في حملة تحرير دير الزور التي ستنهي داعش”.

“ممارسة مهنة الطبّ في ساحات المعارك أمر مختلف” 

ونوّه عاكف إلى أنّ ممارسة مهنة الطبّ في ارض المعركة “أمر مختلف و أصعب من أن تكون بين المدنيين” مضيفاً:”بين المدنيين قد يقوم الطبيب بإجراء عدّة عمليات في اليوم ذاته وهذا أمر اعتيادي. لكن في ساحة المعركة الأمر مختلف, فالطبيب يكون مجبراً على إجراء الكثير من العمليات تحت ضغط شديد”.

 

وجود أطبّاء في ساحة المعركة يساهم في إنقاذ المقاتلين

وأكّد الدكتور عبى قلّة الإمكانيات وعدم توفّر المستلزمات الطبية الضرورية في ساحات المعركة وتابع بالقول: “رغم هذا فوجود الأطبّاء في ساحات المعركة يساهم في إنقاذ حياة الكثيرين ومعالجتهم”, موضحاً أنّه لم يكن بمقدورهم إجراء عمليات كبيرة في ارض المعركة, لكن في تلك الحالات كانوا يجرون الإسعافات الأولية الضرورية لإنقاذ المصابين.

وأضاف: “في جبهات القتال ومع اشتداد المعارك كان عدد الجرحى يزداد والفرق الطبية كانت تفعل كلّ ما بوسعها لمنع استشهادهم. كنّا نقوم بوقف النزف وقطب الجروح والبعض منهم كنّا نجري لهم عمليات فورية. وبحسب الإمكانيات المتوفرة كنّا نقدّم اقصى مجهود في سبيل إنقاذهم. ومن ثمّ كنا نقوم بإرسالهم إلى المستشفيات لإتمام العلاج”.

كما أوضح أنّه وبسبب الحصار المفروض على شمال سوريا, هم غير قادرين على إدخال المستلزمات الطبّية والأجهزة الضرورية إلى روج آفا و”هناك حاجة إلى تخزين الدم للمتبرعين لكنّنا نفتقر إلى تلك المخازن والشروط. رغم هذا الأطباء يحاولون بكلّ طاقاتهم إنقاذ حياة المقاتلين لكن وللأسف عددهم قليل”.

 

مستعدّون لأداء واجبنا المقدّس

بالحديث عن القيمة المادية والمعنوية لمهنة الطب, شدّد الدكتور عاكف على أنّهم لا يولون اهتماماً للجانب المادي مؤكّداً انهم وفي سبيل إنقاذ المقاتلين والمدنيين جرّاء المعارك الدائرة يؤدّون واجبهم الإنساني ويمنحون مهنتهم قيمتها المقدسة “خلال تواجدنا في ساحات المعركة اكتشفنا أنّ هؤلاء المقاتلين يستحقّون ما هو أكثر من عناءنا ومن الفخر أن نتعرّف عليهم ونساهم في إنقاذهم”.

المقاومة التي يبديها مقاتلو YPG/YPJ وQSD وبإمكانياتهم المتواضعة لا يمكن وصفها بعدّة كلمات. فمع بداية الهجوم الإرهابي على كوباني, أجمعَ العالم أنّ هذا الهجوم لم يكن عبثاً وأنّ داعش لا يهاجم بمفردة بل يقف خلف هذا الهجوم العديد من الدول و لى رأسها تركيا. وبالنسبة لنا, فالمشاركة في معالجة هؤلاء المقاتلين الذي وقفوا في وجه داعش ودافعوا عن أرضهم و شعبهم أمر في غاية الأهمية و دون شك يدخل السعادة إلى قلوبنا. ورغم كلّ الصعوبات فنحن لا نتردد في الوقوف إلى جانبهم في أسوء الأوضاع و سنبقى كذلك”.

تأثير المقاتلين على الدكتور عاكف

وتحدّث عاكف عن الجرحى والمصابين الذين كان يشرف على علاجهم في ارض المعركة وقال: “في أحد الأيّام وفي المعارك ضدّ داعش في قرية مغروب بكوباني, أصيبت إحدى مقاتلات الـ YPJ, اسمها أزدا. إصابتها كانت بليغة وفقدت أطرافها بالكامل. هذه المقاتلة كانت قد وهبت حياتها للشعب والحرية, رغم كلّ الألم والجراح البليغة كانت قوية غير آبهةٍ بالألم. بعد أن أدخلتها إلى سيارة الإسعاف سألتها: هل تشعرين بالألم؟ أجابت: ’لا أريد شيئاً, فقط أريدك أن تغنّي’. في حياتي والى ذلك الوقت لم أكن قد غنّيت لكن ومن اجل تلك المقاتلة الباسلة غنّيت. أوصلتها إلى المستشفى وقمت بمعالجتها لكن وبعد ثلاثة أيام ارتقت إلى مرتبة الشهادة. هذه الحادثة كان لها تأثير كبير على شخصي وحياتي”.

“على المنظّمات الدولية تقديم الدعم الطبّي”

وفي ختام حديثه لنا, طالب الدكتور عارف بضرورة قيام المنظّمات الدولية بواجبها تجاه شعوب شمال سوريا, مشيراً إلى أنّها (الشعوب) “شعوب فقيرة طيبة ومتسامحة وعندما يرى أيّ إنسانٍ هنا أنّك تتعامل معه بأخلاق وإنسانية وأنّك تعمل لأجله يبادلك بنفس المعاملة”.

ولفت إلى أنّ “عشرات الآلاف من أهالي عفرين هجّروا من أرضهم بسبب الاحتلال التركي لعفرين واليوم يعيشون في مناطق الشهباء في ظلّ ظروف وأوضاع إنسانية صعبة للغاية, بالإضافة إلى أنّهم محرومون من الحصول على الخدمات الطبّية أيضاً لضعف الإمكانيات و قلّة الأطباء.

كذلك أهالي الرقة ودير الزور أيضاً يعانون نفس المعاناة. لا توجد مستشفيات ولا مراكز طبّية قادرة على استقبال أعداد المرضى, كما أنّ عدد المؤسسات الطبّية التي تقدّم الدعم الصحي لهم قليل. فكما حصل في كوياني اليوم أهلنا في الرقة, دير الزور وعفرين, المئات من الجرحى المصابين والمرضى بانتظار من يقوم بعلاجهم. الكثير من أبناء شعبنا ظلموا على يد داعش وبحاجة إلى من يمدّ لهم يد العون. وعلى هذا نحن ندعوا جميع المنظّمات والمؤسسات الطبّية وحقوق الإنسان إلى المبادرة بمساعدتهم بشكلٍ عاجل”.