تجاهل ذلك، كما تفعل بعض الأطراف المعارضة الشوفينية وكذلك النظام، إنما يبعد إمكانية وقف الحرب المدمرة ويغلق آفاق قيام نظام ديمقراطي لكل السوريين وعلى مجمل الارض السورية الموحدة، فلا ديمقراطية ببلادنا دون حل ديمقراطي للقضية الكردية.ولذلك، فأن شكل ما، أو جرعة ما، من الفيدرالية أو اللامركزية السياسية ضروري لإعادة توحيد الجماهير والأرض السورية على أسس ديمقراطية وتقدمية تسمح بازدهار اَهلها جميعا رغم تنوعهم القومي والديني والجنسي.2- داعش إلى الزوال مع بدء قوات سوريا الديمقراطية والتي قد تكون الحملة الأخيرة لهم على مرتزقة داعش في سوريا كونها بقي للمرتزقة مجرد بعض الجيوب، هل تتوقع أن يكون هناك تعاضد دولي جديد لمحاربة هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى المتعاملة مع الاحتلال التركي مثل الحزب الإسلامي التركستاني وأحرار الشام – المصنفين على لائحة الإرهاب – أم ستبقى هذه الفصائل والقوى حججاً تستعمل وقت الحاجة؟هدف تركيا ومخططاتها هو الاعتداء على التجربة الديمقراطية بشمال سورياصحيح أن الدولة الاسلامية “داعش” انهزمت عسكرياً وتهاوت الى حد كبير، وذلك منذ هزيمته الأولى الكبرى أمام المقأومة البطولية في كوباني، تلاها سلسلة من الهزائم المتواصلة وتم كسر شوكتها، وقد كأنت هيمنة داعش في عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤ علامة بارزة ومنعطف يدل على تراجع الحراك وهزيمة الثورة لصالح قوى الثورة المضادة، بيد أن بقاء الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سمحت بنمو داعش وأشباهها، انما يوفر المناخ لاستمرار أو نشوء منظمات فاشية جديدة شبيهة به.أما بالنسبة لهيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” الإرهابية فأن تجمع اغلب كتائبها في ادلب يحولها الى حد كبير لمشكلة للاحتلال التركي، ولا يدع لها من خيارات إلا اثنين: أما أن تخضع لأوامر وتوجيهات الاحتلال التركي مثلها مثل بقية فصائل المرتزقة، أو انه سيتم إخضاعها بالقوة، وعمليات التفجيرات والاغتيالات تشير الى ذلك، وتبقى داعش المهشمة والنصرة المقلمة الاظافر ذريعة يمكن أن تلوح بها الدول الاقليمية والدولية لتبرير تدخلها العسكري في بلادنا، وأن اضطررت لتكرار ما سبق أن قلته فاني اعتقد أن تحشيد الاحتلال لكل هذه الفصائل ومنها النصرة تحت سيطرتها انما هي سياسة تنظيم مرتزقتها بقصد الاعتداء على شمال سوريا والإدارة الذاتية فيها. وهو هدفها القادم.وفي الوقت نفسه، فأن ادلب تحولت الى نوع من مخيم كبير للنازحين المدنيين والمقاتلين التكفيريين من مختلف مناطق سوريا، وتضم نحو ثلاثة ملايين في منطقة جغرافية ضيقة يتفاقم فيها عوامل التوتر والانفجار في كل لحظة، لتتحول الى محرقة جديدة، أن انفجرت فاستنفر في وجه الجميع مثل “طنجرة البخار”، وهو ما لا ترغب به تركيا لأنه ينسف مشروعها المذكور أعلاه .3- المعارضة وضعها ليس أفضل من داعش بتاتاً، فتقصلت نسبة سيطرتها على الأراضي السورية إلى أقل من 40 بالمئة وتعتبر المناطق الواقعة تحت سيطرتها حالياً مناطق نفوذ تركي بالدرجة الأولى، وتواجه تلك المناطق أيضاً سياسية تتريك موجهة مشابهة للاحتلال العثماني بالإضافة لوجود مخاطر اقتطاعها، في حال تطبيق سيناريو الاقتطاع، هل سيكون النظام المتحالف مع روسيا – الموافقة على الاحتلال التركي – أم المرتزقة الذي دخلوا مع الاحتلال التركي هم السبب وما سيكون له تبعيات على خارطة الشرق الأوسط الجديد؟توحيد الطاقات السورية الثورية وبناء نظام ديمقراطي تعدديمن وجهة نظري أرى أن هم النظام الأول هو بقائه واستمراره بالحكم حتى ولو على جزء من سوريا، فمشكلته كانت مع المناطق التي خرجت عن سيطرته في السنوات الماضية التي كانت تشكل تهديداً على بقائه كنظام، وجاء الدعم الروسي والإيراني ليسمح له بالسيطرة على أغلب الجيوب المعارضة ولا سيما في ريف دمشق وحمص وحماة، ولن يهتم النظام باستعادة بقية المناطق الا بالقدر الذي تؤثر فيه على بقائه من عدمه، ولذلك فهو مستعد لكل اشكال التحالفات وتغييرها. وفي كل مرة يجد فيها النظام أن الظروف تسمح له بتوسيع نطاق سيطرته فهو سيفعل ذلك بكل وحشية.فيما يخص تركيا، إنني أرى بخلاف العديد من المعارضين السوريين أن الاحتلال التركي لإراضي سورية ليس مؤقتاً وأن جيش الاحتلال التركي لن يخرج طوعا من بلادنا، بل أن التجربة التاريخية (العراق وقبرص وأسكندرون) أثبتت أن تركيا لا تجلي قواتها طوعاً من منطقة احتلتها، واحتمالاتها تمزق دوماً شكلي الاستعمار والتغيير الديمغرافي، وهي تربط دوماً مناطق احتلالها بها سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإدارياً وسياسياً، فهو شكل استيطاني من الاستعمار.ويقوم الاحتلال التركي بمحاولة تجميع كل الفصائل المسلحة الطائفية والرجعية فيما يسمونه “جيش وطني”، الا أن هذه الفصائل خاضعة تماما لإمرة النظام التركي وتعمل كمرتزقة لصالحه، وليس لها أدنى استقلالية لإرادتها، وأظن أن هدف الاحتلال التركي ومرتزقته الأساسي هو محاولة اجهاض تجربة الادارة الذاتية في شمال سوريا.ما يطرح على جدول مهامنا هو توحيد طاقات القوى الديمقراطية في كل أرجاء سوريا لمقاومة الاحتلال، من اي طرف كان، وإخراج كل القوات الأجنبية والميليشيات الطائفية من بلادنا، وبناء نظام ديمقراطي تعددي لامركزي على أنقاض الدكتاتورية.وبكل الأحوال، ومهما كأن اليوم ميزان القوى يميل لصالح قوى الثورة المضادة المتعددة الأطراف، لكن من واجبنا متابعة المقاومة الشعبية بالوسائل المتاحة وتنظيم وتوحيد كفاح الجماهير على كامل التراب السوري، ونقطة الارتكاز في هذا المشروع الديمقراطي المستقبلي المنشود لسوريا، هي مناطق الادارة الذاتية في شمال سوريا.4- الشرخ الاجتماعي الحاصل بعد احتلال عفرين، ونبذ روح الطائفية من قبل الجيش التركي المحتل في الشمال ومحاولته لإحداث شرخ في الشارع السوري ومكوناته وخاصة بعد منعه من أهالي عفرين ذو الأغلبية الكردية من العودة لمنزلهم وتوطين أهالي الغوطة وريف حمص الشمالي ذو الأغلبية العربية، إلا تمعق عمليات التغيير الديمغرافي الباب النزاع الطائفي في سوريا وما هو الهدف التركي الرئيسي من هذه العمليات؟روسيا والنظام المسؤولين عن سبع أعوام من الدمار والتهجيرلقد شهدت سوريا خلال السنوات السبع الماضية عمليات تهجير اجبارية واسعة لملايين المواطنين، تقدر بنحو نصف سكان سوريا، فالمسؤولية الأكبر على ذلك تقع على عاتق النظام أولاً والقوى الطائفية وعمليات القصف والقتل للضواري الامبريالية ولا سيما روسيا وليس سكان الغوطة المدنيين وغيرها من المناطق هم المسؤولين عن مأساتهم وتهجيرهم الى ادلب وعفرين وغيرها.فأن عمليات التهجير وإحلال سكان مهجرين مكان السكان الأصليين هي سياسة تركيا والنظام وحلفائهم، الذين يتلاعبون بحياة اهلنا ومستقبل بلادنا خدمة لصالحهم الانانية الضيقة.الحل بأن يعود كل مواطن الى بلدته وداره ليمارس حياته بكرامة وحرية، وهذا يتطلب الانتصار على كل قوى الثورة المضادة، ولا مدخل لذلك سوى بالدعوة الى اخوة الشعوب من اجل الكفاح المشترك لكل الجماهير الشعبية في سوريا من اجل تحررها جميعا واستعادة حياتها وبيوتها بكل عدل ومساواة وكرامة ويعترف فيها الجميع بحقوق المتساوية في إطار سوريا الحرة والتعددية واللامركزية والديمقراطية والعدل الاجتماعي.
اعتبر غياث نعيسة المنسق العام لتيار اليسار الثوري في سوريا بأن أغلب المشاريع التي طرحت لحل الأزمة السورية فاشلةً كونها تعتمد في الدرجة الأولى على المصالح الدول الداعمة لصاحب المشروع المطروح مهملةً في طياته مصالح الشعب وآمال الشعب الثائر والمطالب بالحرية والكرامة منذ 2011.وجاءت تصريحات غياث نعيسة في لقاء مطول مع وكالتنا بخصوص الوضع السوري الأخير وخاصة عقب عقد مؤتمر آستانا 9 واحتلال تركيا ومرتزقتها لمقاطعة عفرين بمباركة دولية حيث أكد بأن يجب توحيد الطاقات السورية الثورية وبناء نظام ديمقراطي تعددي لمحاربة الاحتلال محملاً النظام وروسيا مسؤولية سبع أعوام من الدمار والتهجير على الخارطة السورية.وفيما يلي القسم الثاني من الحوار:1- عدة مشاريع طرحت على الطاولة الإقليمية وحتى الدولية لحل الأزمة السورية، خفض التصعيد، الفيدرالية، التسوية والعودة لحضن الوطن، جميعها نوقشت بشكل واسع، برأيكم ما هو المشروع الأنسب لسوريا المستقبل الذي يضمن كرامة المكونات وحقوقهم وتحافظ على حرية التعبير؟مشاريع الحل الفاشلة تعتمد على المصالح أساساًطرحت عدة مشاريع تنحصر بتحقيق تعديلات شكلية في هيكلية النظام القائم وتعمل على أعاده تعويمه وإنتاجه من جديد، وهي مشاريع كارثية وتجاوزها الزمن والاحداث.هناك أيضا مشاريع طرحتها بعض القوى المعارضة المكرسة والتابعة لدول إقليمية، مثل المجلس الوطني والائتلاف الوطني، التي تعبر في جل ما تطرحه عن رغبتها في الحلول مكان النخبة الحاكمة مع الإبقاء على نفس شاكلة النظام، وطبعاً هكذا مشاريع تشكل طعنا بالثورة الشعبية ومطالبها بل حتى فشلت عملياً.وأيضاً هناك مشاريع أخرى تدعو الى بناء نظام يحاكي لما جرى بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام ٢٠٠٣ أو النظام اللبناني اي نظام يقوم على المحاصصة الطائفية، وطبعا هكذا مشاريع تشكل إهانة لتضحيات الثورة السورية وأهدافها في الحرية والمساواة والكرامة والعدل، وتحمل هكذا مشاريع في طياتها كل بذور الحروب الأهلية والطائفية والتمزيق والانقسام داخل المجتمعات.بما يخصنا في تيار اليسار الثوري فقد طرحنا في تشرين الأول من عام ٢٠١١ برنامج يدعو الى تشكيل حكومة ثورية مؤقتة يكون أحد أهدافها إعداد لانتخابات حرة ونزيهة لانتخاب جمعية تأسيسية على أساس النسبية وسوريا دائرة واحدة، بحيث تمثل في داخلها التعددية والتنوع لمجتمعنا، وتقوم هذه الجمعية التأسيسية بتحديد الشكل السياسي للنظام الديمقراطي والاجتماعي المنشود. ولأننا كنا منظمة حديثة العهد وغضة لم يستمع إلينا.الفيدرالية هي توحيد لما هو مقسم في سورياوأخيراً، فقد طرح الرفاق في الادارة الذاتية في شمال سوريا مشروع “الفيدرالية” الذي أثار لغطا وسوء فهماً في صفوف أقسام من المعارضة.دعني أوضح الفكرة بتفصيل قليل، حالما طرح مشروع “الفيدرالية” الديمقراطية خرج علينا عزمي بشارة على قناة الجزيرة ليرفض ذلك وليدين كل “فدرلة”، وتتالت بعده المواقف العدائية لهذا الطرح من أطراف المعارضة “الليبرالية” و”الاخوانية” و”القومية”.وقد وسمت هذه الأطراف المذكورة مشروع الفيدرالية السياسية الديمقراطية بأنه مشروع تقسيمي وانفصالي، الى أخر الترهات المعروفة.وقد وصل الامر أحيانا الى حد من التفاهة، فقد صرحت، مثلاً، إحدى الناشطات متسائلة: “اذا تحققت الفيدرالية في سوريا هل سأحتاج الى فيزا للسفر من دمشق الى القامشلى ؟”، إذاً هناك مزيج من سوء الفهم وأحيانا سوء النية وغالبا غباء مطلق في فهم موضوع الفيدرالية، فالفيدرالية كمصطلح لغوي وسياسي تعني “الاتحادية’، وهي بذلك تعني انها توحيد لما هو مقسم ومجزئ وليس تقسيم ما هو موحد.وإذا نظرنا الى وضع سوريا الراهن المأساوي نجد أن سوريا مقسمة الى مناطق سيطرة ونفوذ ومنعزلة الى حد كبير عن بعضها البعض من نحو ست سنوات .وبالتالي، فإنني أتفهم طرح الرفاق في الادارة الذاتية في شمال سوريا لمشروع الفيدرالية لعموم سوريا، لكنني أعتقد إنه يجب شرحه بصبر وأناة لعموم جماهير شعبنا ووضعه في إطار تجربة ثورة شعبنا ومصالحه وحاجاته ومستقبله، والعمل على أن تتبناه غالبية وازنة من شعبنا وقواه التقدمية، باعتباره يسمح بإعادة توحيد البلاد على أسس جديدة سياسية واجتماعية تقدمية وديمقراطية.لا حل سياسي دون ضمان حقوق كافة المكوناتإنني أعتقد جازماً بأن لا إمكانية اليوم لحل “سياسي” ديمقراطي واجتماعي في سوريا دون الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي. وكافة القوميات الاخرى. كما انني أعتقد أن مستقبل الديمقراطية والحرية في بلادنا مرهون بحل القضية الكردية في بلادنا وكل البلدان التي تقاسمت كردستان.

المقال السابق
المقال التالي