تشكل الكومينات نموذجاً مصغراً لحالة التعايش السلمي بين فئات المجتمع، التي عانت على مدى آلاف السنين من نظام وسلطة الدولة الأحادية.
على مدى سبعة أعوام من عمر الثورة في روج آفا وشمال سوريا، ترسخت أسس نظام اجتماعي يحتضن كافة الشعوب والمعتقدات، هذا النظام الجديد تعزز بشكل كبير خلال السنوات المنصرمة، مما شكل بنية قوية لتعزيز النظام الديمقراطي في مجتمع عانى على مدى مئات السنين من التشتت والتقسيم.
هذا النظام الاجتماعي الجديد تأسس من أصغر خلية في المجتمع ألا وهي الكومينات. فالمجتمعات التي كانت تدار حتى الآن عبر أوامر وتعليمات من هيكليات عليا، باتت الآن تدير شؤونها بنفسها في أحياء المدن والأرياف.
حي الكورنيش في مدينة قامشلو نموذج حي لترسيخ نظام الكومينات وتعزيز العيش المشترك بين مختلف المكونات القومية والدينية والاجتماعية. ويضم الحي 58 كوميناً منها 3 كومينات لأبناء المكون السرياني والأرمني، و3 كومينات لأبناء المكون العربي، أما باقي الكومينات فهي كومينات مشتركة بين الكرد والعرب.
وكالة أنباء هاوار استطلعت واقع الكومينات في حي الكورنيش وألقت الضوء على طبيعة عملها وتنظيمها.
’في الكومينات لا فرق بين الشعوب‘
كومين الشهيد برخدان بتال في حي الكورنيش هو كومين يضم أبناء المكونين الكردي والعربي. الرئيسين المشتركين للكومين أحدهم كردي والآخر عربي. الرئيسة المشتركة للكومين صالحة خضر إبراهيم وهي من المكون العربي قالت أن لا فرق في الكومين بين الشعوب “لأننا جميعاً من أبناء هذا الوطن. قبل تأسيس الكومينات، كانت الأحياء محرومة من الخدمات، ولكن بعد تأسيس الكومين يتم تقديم مختلف الخدمات لأهالي الحي، إضافة إلى تنظيم الأهالي وتأمين مستلزماتهم الحياتية”.
’مع تأسيس الكومينات حطمنا القوالب الاجتماعية الضيقة‘
صالح إبراهيم تطرق أيضاً إلى وضع المرأة، وبشكل خاص المرأة العربية، وأشار إلى أن النساء تمكن بعد تأسيس الكومينات من الخروج من القوالب والعادات الاجتماعية الضيقة، وأضاف بهذا الصدد “كانت مهمة المرأة تنحصر في الواجبات المنزلية، ولكنها الآن تؤدي مسؤولياتها داخل الكومينات، وتساهم في إزالة الآراء الخاطئة بشأن المرأة”.
’هنا تعززت وحدتنا‘
كومين آخر في حي الكورنيش هو كومين الشهيد آثرو، وهو كومين خاص بالمكونين السرياني والأرمني، الرئيسة المشتركة للكومين فيوليت حنا أشادت بروح التشارك والتعاون بين الأهالي داخل الكومين، وقالت إن هذا الأمر يبعث على السعادة.
أما الرئيس المشترك للكومين همازاساب كريبكوربان وهو من المكون الأرمني فقال إنهم شاركوا في تأسيس الكومينات من أجل تعزيز لحمة وتكاتف الكرد والعرب والأرمن والسريان.
وأكد أنهم جميعاً يد واحدة ضمن الكومينات “نعيش سوية جنباً إلى جنب. شبابنا يدافعون عن الوطن كتفاً إلى كتف، من المهم جداً الاستمرار في تعزيز هذا النظام، ولذلك يجب علينا أن ندعمه ونلتف حوله”.
’الكومين منبر يمثل إرادة الشعب‘
حسين برزنجي وهو الرئيس المشترك لكومين الشهيد فخري الخاص بالمكون الكردي قال إن شعوب المنطقة عاشت تحت سلطة الذهنية الفردية للدولة على مدى مئات السنين، وأضاف “حتى الآن لم يستوعب أبناء شعبنا جيداً نظام الحياة في الكومينات. ولأجل ذلك يجب تعزيز التدريب، لأنه تعلم نمط حياة معينة على مدى مئات السنين. ولكن في الحقيقة أن الكومين يعتبر منبراً يمثل إرادة الشعب وقرار الشعب. يجب أن يعلم أبناء شعبنا أن الكومين ملك للجميع، ويمكن للجميع أن يعبر فيه عن رأيه ويطرح آرائه ويشارك في اتخاد القرارات التي تخص أهالي الحي”.
’الكومين ساهم في تعزيز تنظيم المجتمع‘
الإداري في مجلس حي الكورنيش عدنان سليمان وصف التركيبة السكانية في حي الكورنيش باللوحة الفيسفسائية، حيث أن الحي يضمن أبناء مختلف المكونات، وهذا التنوع هو ما يميز الحي ويضفي عليه جمالاً خاصاً. وقال سليمان إن النظام البعثي كان يسعى إلى تعزيز الفرقة بين المكونات والشعوب، حتى أنه حرم الشعب الكردي من الجنسية، وأضاف بهذا الصدد “مع تأسيس الكومينات تعزيز التنظيم الاجتماعي، وبات الكل يشارك في هذا التنظيم وبشكل متساوي، والكومين مفتوح أمام الجميع لإبداء رأيه”.