Tev-Dem

في عفرين أمهات يتحدين الاحتلال بالعوة إلى منازلهن رغم القصف

327

عفرين- في ظل استمرار مقاومة العصر تظهر معها العديد من القصص وملاحم المقاومة بشكل يومي، وكانت لكل عائلة في مقاطعة عفرين قصة مقاومة خاصة بها، فمنهم من اختار الاستشهاد في قريته على أن يخرج منها، والبعض الآخر أيقن بأن حقيقة وجوده تكمن بالدفاع عن قريته وأرضه التي ولد وتربى عليها.

فكان السلاح الذي استطاع الوقوف أمام سابع أقوى ترسانة عسكرية وجيش في العالم هو إرادة شعوب عفرين بكردها وعربها وتركمانها، الذين كانوا أكبر عائق أمام احتلال عدد أكبر من القرى والمناطق الاستراتيجية في عفرين إلى جانب مقاومة مقاتلات ومقاتلي وحدات حماية المرأة والشعب، فقرار البقاء في منازلهم التي تتعرض يومياً لعشرات القذائف والغارات الجوية حتى الموت كان تعبيراً عن مدى الإصرار على المقاومة.

ومنها قصة اثنتين من الأمهات اللتين قررتا العودة لمنزليهما عقب لجوئهما إلى مدينة عفرين مع بدء هجمات جيش الاحتلال التركي على مقاطعة عفرين واستهدافه للمدنيين بالدرجة الأولى بالطائرات الحربية والدبابات والمدافع الثقيلة بالإضافة لاقتحام بعض القرى وتدميرها بشكل ممنهج لتسهيل إتمام عمليته الهادفة إلى تغيير ديمغرافية المنطقة والتي ظهرت جلياً في العديد من القرى الحدودية في عفرين.

وانخرط في صفوف المقاومة العديد من الأهالي من كافة الفئات العمرية، سواءً الشباب أو كبار السن أو النساء، فكان لكل فئة لون وشكل خاص بها في المقاومة، فكان للأم مولودة حسين البالغة من العمر 50 عاماً والأم وحيدة حمبوشو البالغة من العمر 64 عاماً، قصة تختلف عن جميع قصص المقاومة، فهما قررتا العودة لمنزليهما في مركز ناحية موباتا بعد خروجهما جراء قصف الناحية بالطائرات الحربية في السادس وعشرين من شهر كانون الثاني الماضي واللجوء إلى مدينة عفرين، الأمر الذي يعتبر تحدياً للاحتلال التركي الذي يعمد إلى إفراغ القرى من أهاليها وذلك عبر سياسة الأرض المحروقة.

فالأم مولودة حسين والأم وحيدة حمبوشو هما والدتان لمقاتلان في قوات الأسايش واللتين تعانيان من وعكات صحية عديدة، قررتا العودة يوم أمس السبت لمنزلهما الصغير في موباتا نسبة لعدم قدرتهما الابتعاد عن منزلهما الذي عاشتا فيه عمرهما الكامل، بالإضافة لاعتبارهما بأن منزلهما هو الملاذ الآمن دوماً لهم.

قرار العودة لمنزل في موباتا التي تتعرض بشكل شبه يومي لقصف مدفعي وجوي وفي ظل استمرار الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب والمرأة وجيش الاحتلال التركي ومرتزقته على محاور قرى عربا وكركا التي تبعد عن موباتا حوالي 4 كم من قبل الأمهات كان أمراً ليس بالبسيط كون الاحتلال التركي استهدف جميع المصادر الحيوية والبنى التحتية في الناحية من أفران وخزانات توزيع المياه ومولدات الكهرباء مما أدى لإخراجها عن الخدمة، الأمر الذي سيجعل من المعيشة صعبة على كافة المدنيين.

وتقول الأم مولودة وهي تبتسم حين يذكر اسم بلدتها موباتا بأنها تحب وطنها الكبير واصفةً إياه بالوطن الجميل والذي هو سبب عودتها لموباتا وتحدي الاحتلال التركي، وأكملت حديثها قائلة بأنها لا تخاف من القصف كونه حتى إذ استشهدت ستكون هنا في منزلها، وقالت مولودة في ختام حديثها المقتضب بأنهم، في إشارة منها لوحيدة أيضاً، كبار في السن ولكنهم في نفس الحين أقوياء وأمهات للأبطال.

واختصرت وحيدة جوابها عن سؤال مراسلينا عن سبب عودتها لمنزلها بكلمتين فقط كونها لم تستطع سماع السؤال بشكل جيد بسبب ضعف حاسة السمع عندها وهي “Qurban mala xwe bum” والتي تدل بالعربية على أنها تحب منزلها كثيراً، حيث كانت وحيدة تقول هذه الكلمات أثناء قيامها بفرم الخبيزة التي قامت بجمعها من بستان المنزل الذي يحوي عدة أنواع من الأعشاب والخضروات لتجهيزها لوجبة العشاء.

وتعتبر قصة وحيدة ومولودة واحدة من عشرات القصص الذي تسطر يومياً من قبل أهالي ومقاتلي عفرين الذين باتوا يعيشون حياتهم على أساس قضية الشعب المحارب.