كشفت مواطنة أمريكية زوجة لمرتزق داعش مغربي عن تفاصيل تورطها مع المرتزق المغربي وكيفية الوصول إلى الأراضي السورية عبر المعابر التركية.
المواطنة الأمريكية سمندة ميري سالي تحدثت عن فتح الدولة التركية حدودها أمام دخول مرتزقة داعش إلى سوريا، وكيفية تمويل الإرهابيين من خلال تقديم بطاقات البنوك التركية واستبدال مادة المازوت والبنزين بالأسلحة، وعن تقديم الدولة التركية نساء تركيات للمرتزقة بشكل يومي.
سمندة ميري سالي من مواليد 1993 من قرية تابعة لتكساس الأمريكية، تعرفت على المرتزق موسى الحسن من المغرب، موسى الذي ذهب إلى أمريكا ليستكمل دراسته كان صديق لشقيقة سمندة الكبيرة، وتعرفوا على بعضهم من خلال أختها التي كانت تدرس معه في نفس المجال.
بعد أن تعرفت سمندة ميري سالي والمرتزق المغربي موسى على بعضهما قررا الزواج والعيش سوياً في أمريكا، موسى الحسن وبعد 5 سنين من الزواج قرر مع زوجته سمندة الذهاب إلى المغرب لمعالجة ركبته،وبعد أن وافقت سمندة السفر إلى المغرب بدأ المرتزق موسى ببيع أثاث المنزل ليحصل على بعض المال لتبدأ رحلة من تكساس الأمريكية إلى تركيا.
الرحلة إلى تركيا
عندما وصلت سمندة ميري سالي وزوجها إلى تركيا كان تاريخ جواز السفر للمرتزق موسى قديماً أي حسب القانون لا يمكنه العبور إلى تركيا “لا أعلم كيف دخلنا إلى تركيا لأن تاريخ جواز السفر لزوجي كان قديماً وعندما سألت الشرطة التركية في المطار زوجي عن سبب تأخير تاريخ جواز السفر قال زوجي لهم بأنهم سيذهبون إلى المغرب خلال أسبوع وسيقوم بتجديدها هناك، وسمحت الشرطة التركية لنا بالدخول إلى تركيا، استغربت كثيراً من التساهل الذي قدمته الشرطة التركية لزوجي”.
لم يكن لزوج سمندة ميري سالي علاقة مباشرة مع المجموعات المتطرفة الإسلامية حسب ما أدعت، بل كان لشقيق موسى الحسن الكبير عبد الهادي علاقات قوية مع المجموعات الإرهابية المتواجدة في سوريا وبالأخص مرتزقة داعش وكان عبد الهادي صلة وصل بين الدولة التركية ومرتزقة داعش.
بداية التطرف ومحاولة إقناع سمندة لتصبح مسلمة
عندما وصل موسى الحسن وزوجته وشقيقه عبد الهادي إلى اسطنبول رغب عبد الهادي أن يسكن في مكان آخر ولوحده، رغم العلاقة القوية بين عبد الهادي وسمندة، وتغيرت العلاقة مباشرة بين سمندة وعبد الهادي وكان يرى عبد الهادي السكن مع أخيه وزوجته غير جيدة ومعيبة للعادات رغم أنهم كانوا يسكنون في بيتٍ واحد في أمريكا لعدة أشهر.
بعد أن مكثت العائلة في أحد الفنادق في اسطنبول بدأ المرتزق موسى يصطحب سمندة إلى الأماكن الدينية والعثمانية المتواجدة في اسطنبول، منها جامع السلطان أحمد والمناطق الدينية الأخرى الخاصة بالمسلمين، ليبدأ من خلالها محاولة إقناع سمندة أن دين الإسلام هو الدين الوحيد في الحياة، لكن سمندة ورغم كافة محاولة المرتزق موسى لم تقتنع أن تصبح مسلمة وبقيت على دينها، ولم تكن سمندة تفكر أو تتخيل أن زوجها متعصب من الدين أو متعلق في الجهاد.
كان المرتزق موسى يزور أخاه الكبير مرة أو مرتين في الأسبوع “شقيق موسى لم يكن يخرج من غرفته أبداً، سمعت في أحد الأيام أن عبد الهادي وزوجي كانا يتلقيان تهديداً من شخص ما بقتلهما في حال رفضهما تنفيذ أمر ما. التهديد كان من قبل رجل كان يسكن في كندا وهو من أهالي مدينة موصل العراقية، رأيت صورته مع زوجي في أحد الأيام في مدينة الرقة وكان شقيق موسى يتواصل معه من خلال الانترنيت”.
إجبار سمندة على ارتداء الحجاب
بعد أيام قال موسى لزوجته بأنهم مطرين للذهاب إلى مطار رها “أورفا” للسفر من هناك إلى المغرب لعدم وجود تذاكر طائرات للسفر في مطار اسطنبول، عندما وصل الزوجان وعبد الهادي شقيق موسى إلى أورفا أجبر المرتزق موسى زوجته سمندة على ارتداء الحجاب بحجة العادات والتقاليد في المدنية ولعدم لفت الأنظار في المدينة “عندما وصلنا إلى أورفا أجبرت على ارتداء الحجاب، زوجي وعبد الهادي كانا يتجولان مع بعضهما في المدينة وأنا كنت محبوسة في البيت أي أن الأمر انقلب علي، فكنا في اسطنبول نتجول خلال الـ24 ساعة أما في أورفا فكنت محبوسة في البيت، وكان زوجي وعبد الهادي يتجولان من الصباح إلى المساء، وفي أحد المرات قال لي زوجي بأنهم زاروا قبر النبي إبراهيم في أورفا.
قضت العائلة 7 أيام في أورفا وكان موسى يكذب بشكل يومي على زوجته سمندة بعدم وجود تذاكر طيران “في أحد الأيام أتى زوجي إلى البيت بشكل عاجل وقال لي أن أستعجل لنذهب إلى المطار، وبسبب استعجاله لم أتمكن حتى من جلب لباسي واحتياجات أطفالي، سيارة من نوع فان كانت بانتظارنا أمام الفندق وكان رجلان يجلسان في المقاعد الأمامية”.
الرحلة إلى الأراضي السورية
كان المطار يبعد عن الفندق حوالي نصف ساعة لكن الطريق استغرق ساعات ولمكان آخر “أدركت أن هنالك خطب ما في الموضوع، بعد ساعات من الطريق وكانت السيارة تتوجه نحو خارج البلاد، توقفنا في أحد الأماكن الحدودية وكان يوجد هناك بيت صغير يسكن فيه رجل استقبلنا عندما وصلنا إليهم”.
حبس موسى زوجته في غرفة صغيرة مع طفلتها، أما الطفل فقد تم وضعه في غرفة أخرى، كان في الغرفة امرأتان ولم تتمكن سمندة من الاستفسار عن المكان المتواجدين فيهم لعدم معرفتهم بالغة الانكليزية “بعد ساعات من الحبس في الغرفة أتى زوجي حوالي الساعة 7 مساء وطلب مني الخروج لنركب سيارة أخرى أيضاً من نوع فان لنتجه إلى مكان آخر، زوجي كان يبتعد عني بشكل غير اعتيادي وفي تلك اللحظة أدركت أنني تورطت في ورطة كبيرة معه”.
’لم توقف السيارة أي دورية للشرطة التركية وكأنها سيارة عسكرية، والحدود كانت مفتوحة للدخول‘
لم تتوقف السيارة رغم تواجد دوريات شرطة تركية وكأنها سيارة عسكرية، بعد مسافة طويلة من الطريق توقفت السيارة في الحدود السورية مقابل مدينة تل أبيض وبدأوا السير نحو داخل الحدود “كان زوجي وشقيقه بغاية الراحة رغم تواجدنا في الحدود، عبرنا الحدود التركية بكل راحة رغم تواجد الكثير من العساكر الأتراك وكانوا قريبين كثيراً منا ونسمع أصوات بعضنا، ولم يكن بإمكاني أن أصل إليهم، لأنني علمت وقتها أن تركيا أيضاً تعلم بما يجري في حدودها وهم أيضاً يعملون بالتنسيق مع المجموعات التي تدخل إلى سوريا”.
جسر معلق للعبور إلى الطرف السوري… وتسهيلات كبيرة للمرتزقة للعبور
بعد أن عبرت سمندة الحدود رأت طريقاً طويلاً، حينها علمت بأنها وصلت إلى سوريا وكانت سمندة تعيش حالة صدمة إزاء الجيش التركي لعدم إيقافهم في الحدود التركية السورية، وعلى عكس ذلك بل كانوا مرتاحين، وكانت هنالك تسهيلات كبيرة، حتى كان هناك فوق الساتر جسر يربط الطرفين ببعضهما البعض “استقبلنا في طرف تل أبيض من قبل مجموعة متكونة من 10 أشخاص، وكان هنالك عربتين في أحدهما كانت تتواجد النساء والأخرى للرجال للذهاب إلى أحد منازل تل أبيض”.
عبد الهادي المنسق بين داعش وتركيا لإيصال الأسلحة
سبقنا عبد الهادي شقيق موسى الكبير إلى مدينة الرقة، وعند وصوله إلى الرقة بدأ يعمل لإيصال الأسلحة والحاجات اليومية من تركيا إلى مرتزقة داعش، وبعد أن سيطرت وحدات حماية الشعب على مدينة تل أبيض لم يبقى لعبد الهادي أي عمل يعمل به لأنه كان يعمل فقط في حدود تل أبيض، والحدود كانت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب والمرأة.
باصات مليئة بالنساء التركيات تدخل إلى مناطق داعش كل أسبوع‘
بعد أن غادرت سمندة مع زوجها موسى تل أبيض إلى مدينة الرقة، خضع موسى لدورة عسكرية ودينية “بعد أن ذهب زوجي إلى الدورة، سكنت في بيت شخصين يدعيان أبو صهيب وأم سلمى، كان يتواجد في البيت العشرات من النساء من بينهم أوروبيات وكانت المعيشة صعبة جداً لعدم تواجد الاحتياجات اليومية، بل حتى كان الأكل والشرب صعباً، بعد مرور أسبوعين دخلت إلى مدينة الرقة باصات كبيرة كانت تقل العشرات من نساء التركيات، وكان عدد الباصات يزداد يوماً تلو الآخر والفرز كان يتم خلال ساعات قليلة إلى ألاماكن التي تتواجد فيها عناصر مرتزقة داعش.
بطاقات بنك تركية خاصة لمرتزقة داعش
كانت سمندة تعيش بين التناقضات بسبب الدعم المباشر للدولة التركية لمرتزقة داعش حيث قالت سمندة أن الدولة التركية قدمت لبعض الأشخاص المعروفين بين التنظيم الإرهابي بطاقات بنك (Credit Card) ليتمكن أعضاء التنظيم الحصول على مايشاؤون من تركيا وحتى النساء، وتساءلت سمندة عن الصمت الدولي تجاه ما تقوم به الدولة التركية من دعم وتقديم السلاح للتنظيم الإرهابي.
مادتي المازوت والبنزين مقابل السلاح
وقالت سمندة أن مادتي المازوت والبنزين كانتا تدخلان بشكل علني إلى الطرف التركي عبر المعابر، وهي كانت شاهدة لعشرات المرات على دخول سيارات كبيرة تابعة لداعش، كانت تحمل الأسلحة، فداعش لم يكن بحاجة إلى المال بل كان بحاجة السلاح، وتركيا كانت تقدمه بشكل يومي عبر المعابر الحدودية وأنا شاهدة على ذلك.
ما تتعرض له النساء الإيزيديات لا يمكن وصفه
وعن تواجد النساء الإيزيديات في مدينة الرقة، لم ترغب سمندة بالحديث طويلاً فقط عبرت عن مأساتهن بعدة كلمات “ما تتعرض له النساء الإيزيديات من قبل مرتزقة داعش لا يمكن وصفه، فقط يمكنني القول إن النساء الإيزيديات كن يتعرضن لعنف ومضايقة وحشية كبيرة، وكان يتم بيعهن في الأسواق كأي غرض عادي”.
بعد أن أنهى المرتزق موسى التدريبات العسكرية والدينية لمدة 3 أشهر عاد كي يتفقد أوضاع زوجته، وعندما رأت سمندة زوجها عاشت حالة رعب بسبب ذقنه وشعره الطويل والسلاح الذي كان يحمله “عندما التقيت بزوجي رغم خوفي الشديد منه بدأت النقاش معه، وقلت له إنني سأعود وقال لي حينها أن تمكنت من الذهاب فاذهبي، وهددني بالضرب إن تابعت النقاش معه، حينها أجبرت على السكوت والسير معه حتى وصلنا إلى بيت كان قريب من دوار النعيم لنسكن هناك”.
قرر المرتزق موسى أن ينضم إلى المعارك في مدينة حماه، الزوجة سمندة لم تعارض مشاركة زوجها لمعارك حماه وذلك لكي تقوم بالبحث عن طريق للهروب من مدينة الرقة والوصول إلى وحدات حماية الشعب والمرأة، تمكنت سمندة من الحصول على الخريطة السورية وبدأت البحث فيها رغم عدم معرفتها لأي منطقة، بدأت التدريب على الخارطة السورية للهروب من مناطق سيطرة مرتزقة داعش وكأول خطوة للهروب، خرجت سمندة من مدينة الرقة للابتعاد عن عبد الهادي وسكنت في قرية الطيار التابعة لمدينة الرقة.
أصيب المرتزق موسى بالمعارك في حماه في كتفه مرتين وعاد إلى البيت، تواصلت سمندة مع بعض الأشخاص للهروب من مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، لكن المرتزقة كشفوها وقاموا بحبسها لعدة أشهر، إلا أن سمندة استمرت في البحث عن طريق للهروب من مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي.
مع بداية إطلاق وحدات حماية الشعب والمرأة حملة تحرير مدينة الرقة بدأت الأوضاع تتدهور في المدينة يوماً تلو الآخر، قتل المرتزق موسى نتيجة الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب والمرأة في مدينة الرقة في الشهر أيلول عام 2017.
تعرفت سمندة على مهرب لإيصالها إلى طرف وحدات حماية الشعب والمرأة، ولم يتمكنا حتى من التعرف على بعض بسبب خوفهم الشديد من داعش، وبدأوا الرحلة مع أولادها و3 نساء إيزيديات كان اسم إحدى الإيزيديات بدرية “بعد طريق طويل تمكنا من الوصول إلى تلة كبيرة على ما أظن كانت تابعة لمدينة الرقة وكان العلم الأصفر يرفرف فوق التلة وتمكنا من الوصول إلى التلة استقبلنا هناك عدد من مقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة”.
وقالت سمندة “عندما وصلت إلى وحدات حماية الشعب والمرأة بدأت أتنفس من جديد، وبدأت أشعر من جديد أنني عدت كي أعيش كإنسانة، يمكنني القول أن وحدات حماية الشعب والمرأة هي قوات إنسانية لا مثيل لها، فما قدموه لنا لا يمكن التعويض، ولولا أطفالي الصغار كنت سأنضم لهذه القوات وسأعمل بكل جهد لأنضم إلى هذه القوات.