حلب- مر على المقاومة الأسطورية للحي الصغير الذي أدهش العالم عامين حيث كان للنصر دوافعه من إصرار للمقاتلين على الثبات في نقاطهم وتحرير أراضيهم من رجس الإرهاب ومن بين هذه النقاط… نقطة استشهاد المناضل باكور ابن مدينة السليمانية الكردستانية المعروفة بـ شارع المخابرات.
أحداث كثيرة مرت على مدينة حلب التي سكنتها أجيال عديدة من مختلف الأعراق والأديان والتي تحولت إلى ساحة صراع، فحي الشيخ مقصود كانت شاهدة أكبر على المقاومة منذ 6 عقود الحرب والمعارك التي تندلع في سوريا.
هجمات جابهتها مقاومة، شارك فيها أبناءها إلى جانب قوات الحماية الـ YPG و YPJ، هنا علم مقاتلو وحدات الحماية الشعب الذين قاموا في الحي مبادئ المقاومة والمعنى الحقيقي للشجاعة للعالم أجمع من خلال تصديهم ووقوفهم في وجه 27 كتيبة وفصيل كتائب مرتزقة مختلفة التي دعمها الاحتلال التركي، وحاصروا الحي من جهاته الثلاث استخدموا فيها الأسلحة المحرمة دولياً.
في الشيخ مقصود وراء كل حجر قصة مقاومة سطرها مقاتل ومقاتلة وحدات حماية الشعب والمرأة حتى وصلوا إلى مرتبة الشهادة، أماكن استشهادهم تحولت إلى أماكن مقدسة يرثى بها حكاياتهم لكل مارة من هناك.
المخابرات.. من أعنف الجبهات شهدها المقاتلون
من بين أعنف الجبهات على المحاور الثلاث، هي جبهة شارع المخابرات التي كان يرابط فيها الشهيد القيادي باكور ورفاقه، وتحديداً في النقطة التي كانت تسمى بـ “نقطة الدرج”، تلك النقطة الفاصلة بين حي الشيخ مقصود والسكن الشبابي، وتأتي خطورة جبهة شارع المخابرات من أنه يعتبر أيضاً الفاصل بين حيي السكن الشبابي والأشرفية اللذان كانا تحت سيطرة المرتزقة المدعومة من قبل الاحتلال التركي آنذاك.
نقطة شارع المخابرات كانت عبارة عن بيوت عربية عشوائية غير مسلحة بالإسمنت أو الحديد مقارنة مع الأحياء المسيطرة عليها مجموعات المرتزقة التي تتكون من أبنية إسمنتية مسلحة بالحديد وعبارة عن خمس طوابق التي أعطتهم الأفضلية في المعارك، إلا أن أصحاب الإرادة رفضوا التخلي عن أراضي أجدادهم وبذلوا الغالي والرخيص في سبيل ذلك.
المقاتل قنديل حلب من أحد رفاق شهيد القيادي باكور ومن نفس الجبهة قال مستذكراً أيام المعارك والمقاومة ” لقد كانت أيام عصيبة مرت علينا فكنا محاصرين من قبل 7000 مرتزق استخدموا فيها كافة الأسلحة، فأخف سلاح لديهم كان “البي كي سي” الذي يعتبر أثقل سلاح عندنا الذي كنا نحارب بـ رشاشات كلاشنيكوف و بنادق البوباكشن لا أكثر.
رغم كل ذلك قاومنا وانتصرنا لأننا أصحاب الفكر، فالمعنويات والقرارات الحكيمة التي كان يعطينا إياها القيادي باكور كانت تزيدنا حماساً للتشبث بأراضينا”.
باكور.. فدا بروحه لانتشال جثة رفيقه الشهيد
خلال اشتداد المعارك على كافة الجبهات وبالتحديد في اليوم السابع من شهر نيسان كثفت المرتزقة من قذائف حقدها على الحي وعلى نقاط مقاتلي الوحدات للتمهيد لاقتحام الحي، لكن محاولاتهم جوبهت برد قوي من قبل مقاتلي الوحدات رغم انهمار القذائف كالمطر عليهم.
أثناء محاولة صد هجمات المرتزقة على النقطة ارتقى المقاتل عكيد باباي إلى مرتبة الشهادة ليسارع القيادي باكور لانتشال جثة رفيقه الشهيد دون التفكير بـ غزارة الرصاص والقذائف الموجهة نحوه ليستشهد هو الآخر فادياً بروحه في سبيل إنقاذ أحد مقاتليه.
وفي تفاصيل القصة قال أحد المقاتلين الشاهدين على شجاعة باكور وبسالته زرداشت حلب ” رغم أنه كان قيادياً لنا إلا إنه كان يرفض وبشدة الانسحاب من نقاط الصفر على الجبهات الأمامية، لقد علمنا التواضع والانسجام وعلمنا كيف نشق طريقنا نحو النصر لأنه كان مثال الرفيق المكافح لحماية قضيته”.
تكللت المقاومة بالنصر لحظة استشهاده
بعد استشهاد القيادي في وحدات حماية الشعب بحلب باكور أمام مرأى مقاتليه وهو يحاول أن ينقذ أحد مقاتليه عزم جميع المقاتلين أمرهم بالسير على خطاه والعمل على توصياته في حماية الشعب ودحر المرتزقة مهما كلف الأمر، وهذا ما فعله المقاتلون من خلال تحقيق النصر على 7000 مرتزق وتبديد أحلامهم إلى جانب تحرير الأهالي والمدنيين بالأحياء الشرقية بحلب بعد 7 أشهر على استشهاده لترقد روحه بسلام.
مستعدون للمشاركة في مقاومة العصر لتحقيق وصايا الشهيد باكور
وأكد المقاتلان زرداشت وقنديل في نهاية حديثهما أنهما ماضيان في المشاركة بمقاومة العصر للثأر لرفيقهم باكور والسير على خطاه في حماية الشعب وبناء وطن حر لهم، مؤكدين أن جيش الاحتلال لن يصمد أمام شجاعة وصمود تلاميذ الشهيد باكور مهما قصف وفعل.
والجدير ذكره أن شهيد باكور هو الابن الثالث لعائلة وطنية من السليمانية في باشور كردستان وأخ لشهيدين استشهدا ضمن صفوف حركة حرية كردستان. انضم إلى صفوف الحركة وشارك في ثورة روج أفا واستشهد بحي المقاومة الشيخ مقصود.