أوضح أستاذ السياسة العامة والخبير في الشؤون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الاوسط
د. طارق فهمي أن على الدول العربية ايصال رسالة مباشرة لأردوغان تؤكد رفضهم للنهج التركي الساعي إلى فرض العثمانية الجديدة على المنطقة.
وفي مقالة لأستاذ السياسة العامة والخبير في الشؤون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط د. طارق فهمي لموقع عين الإخبارية حول طبيعة الموقف الذي يتوجب أن تتخذه الدول العربية من المخططات التركيا والسعي لفرض كما أسماها “بالعثمانية الجديدة.
وفي مقالته كتب ” بات يتوجب على الدول العربية إيصال رسالة مباشرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تؤكد رفضهم النهج التركي، الساعي إلى فرض “العثمانية الجديدة” على المنطقة”.
لا يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يتفهم طبيعة وخصوصية العلاقات العربية التركية، ويتصرف وكأنه ما زال السلطان العثماني ولا تزال تركيا إمبراطورية تضم ممالك ودولا وجمهوريات تابعة لبلاده، ومن ثم فإنه يتحرك من هذا المنطلق الوهمي، رافضا أن يكون دولة جوار إقليمي للدول العربية تربطها بها علاقات جيدة، وعليه أن يقدم على الالتزام بحقوق وثوابت العلاقات التاريخية.
تركيا سمحت لنفسها بالتدخل ومناكفة دول عربية مثل مصر التي لا تزال تناكف نظامها السياسي الراهن، ولا تريد أن تكف عن أسلوبها المرفوض عربيا في التدخل، وتنصيب نفسها وكأنها صاحبة الولاية الحقيقية على مقاليد الأوضاع داخل الدول العربية، ومن ثم فإنها تؤوي قيادات المعارضة الإخوانية الإرهابية، وتدعم الحضور الإعلامي والسياسي لوجوه التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، وترفض أي دعوات عربية مخلصة بالتراجع عن نهجها، بل تتمادى في طرح خيارها التدخلي لمصلحة نموذج ثبت فشله واقعيًا.
في حالات عدة يقف المشروع التركي متناقضا ومتضاربا مع توجهاته؛ يتحدث عن حق الشعوب في التحرر والحريات والقيم الإنسانية والديمقراطية والتسامح، ومع ذلك يمارس سياسات معاكسة تماما داخل تركيا التي كمم فيها الأفواه، وأغلق مساحات الديمقراطية والحريات وزج بالعشرات في السجون والمعتقلات، وما زال رافضا لأي مساحة من التقارب مع منظمات المجتمع المدني والإعلاميين والسياسيين والقضاة وغيرهم، ولم تعد ملاحقاته الأمنية مقتصرة على حركة فتح االله كولن فقط..
مثال آخر، عندما ذهب الجيش التركي في مواجهاته الأخيرة في سوريا، ومضى في خياراته التي لم تنتهِ في عفرين، كان السؤال: ماذا يريد الرئيس أردوغان من حضوره الاستراتيجي والأمني في سوريا؟
وهل الأمر متعلق بالسياسات المستقبلية للدور التركي في سوريا والعراق، وفي مناطق التماسّ؟ أم أن الأمر مقتصر على تطورات المسألة الكردية بكل وقائعها المعقدة التي تحتاج إلى استشراف سياسي؟ ورصد لطبيعة الدور التركي القادم وأطماعه في المنطقة، وليس في سوريا والعراق والخليج العربي فقط، خاصة أن أردوغان ينتقل الآن بالمشروع التركي التدخلي إلى مرحلة جديدة من تنفيذ سياسات عاجلة، ومنها حضوره الراهن في السودان وجنوب الساحل من جانب ومنطقة شرق أفريقيا من جانب آخر، ومحاولة نقل رسائل لدول كبيرة في الإقليم مثل السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، وهو ما يجب الانتباه إليه والتعامل معه بجدية كاملة، وليس فقط التحذير أو التنويه للممارسات التركية غير المشروعة.
أو التحذير من الصراع على الحضور الاستراتيجي المكثف والمتنامي، والعمل على تنفيذ ما يخطط له حزب العدالة والتنمية وعبر منظِّرين أتراك معروفين بالاسم يخططون للرئيس أردوغان، ويدفعونه دفعا لإحياء العثمانية الجديدة، والتي ترتكز على النفعية السياسية، وحسابات المكسب للدولة التركية التي يتحرك من خلالها الرئيس أردوغان مدعيا أنه يحقق المصالح العليا لدولة كانت في يوم ما إمبراطورية كبيرة تضم دولا عديدة.
ولعلي هنا أشير إلى ما قاله الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، عندما أشار وبعمق إلى أن العالم العربي لن يُقاد من جواره، وعلى دول الجوار أن تميِّز في التعامل مع العرب بين الحقائق والأساطير، وهذه هي قمة المشكلة في الوهم السياسي الذي يعيشه أردوغان الذي يريد أن يؤكد أنه السلطان العثماني الجديد، برغم كل ما يقوم به من تربيطات سياسية واستراتيجية مع الناتو من جانب، ومع دول مثل روسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى”.