كري سبي– لا تزال مدينة كري سبي / تل أبيض تشهد انتهاكات وعمليات ممنهجة وتعسفية من قبل دولة الاحتلال التركية كما كان الحال إبان سيطرة حليفتها داعش, وكابوس الموت أمسى يلاحق المزارعين وأهالي القرى الحدودية مع دولة الاحتلال.
فمنذ تحرير مدينة تل أبيض من مرتزقة داعش تحاول الدولة التركية جاهدةً لزعزعة أمن واستقرار المدينة من خلال زج الإرهابين من داعش ومرتزقتها عبر الحدود أو شن هجمات مباشرة بأسلحتهم الثقيلة على القرى الواقعة على الحدود وقتل المدنيين والمزارعين الذين يسعون وراء لقمة عيشهم.
وصادف يوم الـ27 من الشهر الجاري، أي يوم أمس، الذكرى الثانية للهجمات التركية-الداعشية المشتركة على مدينة كري سبي، عندما أدخلت تركيا مجموعات من داعش إلى مدينة كري سبي وحمام التركمان وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها 47 مدنياً.
ومنذ ذلك الحين، وحتى الآن فقد 29 مدنياً حياتهم على الحدود (13 من سكان كري سبي و16 من سكان المدن السورية الأخرى) هذا غير عشرات الجرحى والذين تم تعذيبهم ورميهم على الطرف الآخر من الحدود.
ومن خلال تقريرنا هذا سنستعرض معكم أبرز الاعتداءات التركية على الحدود.
في يوم الجمعة 26 شباط 2016 قصفت القوات التركية المتمركزة على الحدود بلدة حمام التركمان تمهيداً لإدخال مجموعات إرهابية من داعش من الحدود إلى الريف الشرقي لمقاطعة تل أبيض.
وفي صبيحة يوم السبت 27 شباط 2016، أي بعد يوم من القصف هاجمت مجموعات من مرتزقة داعش عدداً من المواقع داخل مدينة كرى سبي – تل أبيض ، وهي مركز قوات الأسايش (الأمن الداخلي)، المشفى الوطني، والمنطقة التوسعية أو ما يعرف بالإسكان، وبلدة عين العروس، وقرية حمام التركمان, إضافة لناحيتي سلوك وعين عيسى.
وردت وحدات حماية الشعب بقوة على هذه الهجمات. وجرت أغلب الاشتباكات في مسافات قصيرة وجهاً لوجه بين وحدات الحماية والمرتزقة وقتل خلالها أكثر من 100 مرتزق وكان بعضهم يحمل الجنسية التركية.
واللافت في الأمر أن الهجمات التركية في 3 أيار/ مايو 2016 التي استهدفت فيها المعبر الحدودي بالأسلحة الثقيلة جاءت بعد إفشال وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية هجمات 27 شباط.
وكان جيش الاحتلال التركي باشر منتصف شهر تشرين الأول من عام 2016 المنصرم، بحفر الخنادق على حدود قرية سليب قران غربي مدينة كري سبي بعد أن احتلت 10 أمتار من الأراضي السورية. وتوجهت شرقاً باتجاه المدينة، ولاحقاً بدأ جيش الاحتلال بحفر الخندق على الحدود المقابلة لقرية المنبطح الواقعة 1 كم غرب المدينة وتوجه باتجاه الغرب أي باتجاه قرية سليب قران.
وبالتزامن مع عمليات الحفر وبناء الجدار، استهدف جيش الاحتلال التركي المدنيين الذين يتوجهون إلى أراضيهم الزراعية القريبة من الحدود.
وتزايدت وتيرة تدخلات واعتداءات الاحتلال التركي على الحدود المصطنعة بين أراضي الشمال السوري وتركيا وبشكل خاص على مقاطعة تل أبيض، مع انطلاق حملة “غضب الفرات” التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية يوم 6 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016 لتحرير الرقة استخدم فيها جيش الاحتلال التركي الأسلحة الثقيلة، وحاول في مناسبتين إدخال مجموعات مرتزقة إلى مقاطعة تل أبيض عبر الحدود.
في تاريخ 15شباط 2017، حلقت طائرات استطلاع تابعة للجيش التركي فوق المدينة، وفي نفس الوقت هاجم جيش الاحتلال التركي بالأسلحة الثقيلة قرى عساف وسوسك وتل فندر غربي تل أبيض.
فيما استهدف عناصر من جيش الاحتلال التركي العديد من مزارعي قرية سوسك أثناء عملهم في أراضيهم الزراعية في 30 مارس/آذار عام 2017.
وفي 27 نيسان/ بريل عام 2017 شن العدوان لتركي هجوماً على قرية سوسك تمهيداً لدخول القرية واحتلالها فيما تمكن المقاتلون والمقاتلات في وحدات حماية الشعب والمرأة من تدمير رادار ومدرعة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال التركي، كانت متمركزة فوق تلة مقابلة لقرية سوسك.
فيما أقدم جيش الاحتلال التركي في 8تموز/ يوليو عام 2017 على قتل شابين من أصل 8 كانوا يحاولون العبور إلى باكور كردستان، من ريف كري سبي “قرية الغزيل” الواقعة شرقي المدينة، وتعرض البقية لتعذيب وحشي لأكثر من ساعتين، ثم إصابة اثنين آخرين بالرصاص، فيما تركت جثامين الشابين المقتولين على الأرض عند الحدود.
والمزيد من المدنيين قتلوا برصاص الاحتلال التركي على الحدود وأصبح عددهم يناهز العشرات في الأعوام الثلاثة 2016- 2017- 2018.
المزارعون في خطر
وهذا لم يسلم أحد من قصف الاحتلال التركي على أراضي الشمال السوري من جميع الفئات العمرية التي تسكن القرى الكردية والعربية المحاذية لحدود الاحتلال التركي في مقاطعة كري سبي/تل أبيض حتى المنازل باتت شبه خالية من سكانها والخوف والموت يتربص بهم دائماً.
قال المواطن جاسم ذياب من قرية العسل الواقعة شرقي تل أبيض ‘‘لا نستطيع زرع الأراضي التي تقع قبالة الشريط الحدودي ونحن بحاجة ماسة لزراعة أراضينا لأنها لقمة عيشنا’’.
وأضاف الذياب أنهم أثناء حراثتهم لأراضيهم وسقيها يستهدفهم الحرس التركي بالرصاص, وقال إن الأراضي التي تبعد عن الحدود بحوالي 500 متر ممنوع الاقتراب منها, ‘‘مع العلم أن حرس الحدود يعلم بأننا مدنيون ولسنا عسكريين’’.
المواطنة أمينة من قرية سوسك الواقعة غربي تل أبيض أشارت بأن دولة التركية تستهدف المدنيين دون تميز بين أعمارهم في قريتهم.
وقالت وهي تسقي المشاتل التي زرعت فيها بذار الأشجار ‘‘نحن لن نتخلى عن قريتنا وأرضنا, وسنجابه الاحتلال التركي وعدوانه المستمر على قريتنا بزراعة الخضار والأشجار وسنقاومه كما قاوم شهداؤنا”.
وأكد المواطن قادر من قرية تلفندر بأن الدولة التركية تضرب القرية ضربات عشوائية وبسلاح ثقيل ويستهدفون المدنيين, مع العلم بأنه لا توجد أي نقطة عسكرية في القرية.
فيما استهدف الاحتلال التركي مدرسة قرية سوسك الواقعة غربي كري سبي بـ 17 كم عدة مرات ولا ننسى بقية القرى في مقاطعة كري سبي/تل أبيض على حدود الاحتلال التركي بشتى أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
وآخر انتهاك كان قبل 25 يوم من هذا الشهر الجاري حيث حاولت مجموعة من مرتزقة تركيا التسلل والهجوم على مدينة كري سبي من البوابة الحدودية، وتصدت لهم قوات سوريا الديمقراطية وقتلت 4 منهم.