عفرين- قال الباحث في الشؤون الاقتصادية جلنك عمر، أن هجمات جيش الاحتلال التركي الممنهجة في مقاطعة عفرين أثرت على الجانب الاقتصادي هادفةٌ بذلك تخريب التنظيم الاشتراكي الاقتصادي في المنطقة، مشيراً أن النظام الاقتصادي الذي تم بناؤه خلال الفترات السابقة والنموذج الذي تم تطويره ساهم في تفادي نشر نوع من الأزمة في المنطقة.
وأجرت وكالة أنباء هاوار حواراً مع الباحث الاقتصادي، جلنك عمر، بصدد تأثير هجمات جيش الاحتلال التركي على الجانب الاقتصادي في المنطقة من كل جوانبها.
وجاء في مضمون الحوار ما يلي:
كيف تصف الوضع الاقتصادي في مقاطعة عفرين منذ إعلان الإدارة الذاتية فيها؟
شهدت مقاطعة عفرين حصاراً مفروضاً منذ بداية الأزمة السورية من قبل الجماعات الإرهابية المدعومة من الدولة التركية، الأمر الذي أفرز نظاماً مجتمعياً في المنطقة قائماً على إدارة الاقتصاد بنفسه، الأهالي بنوا اقتصادهم الكومينالي القائم على الكومين والجمعيات التعاونية، وتطور الاقتصاد الريفي في الكثير من المناطق ومن عدة مجالات، وتمكنت المقاطعة وباعتمادها على ذاتها في تأمين مواردها، واستطاعت الوصول إلى مستويات عالية من الجانب الاقتصادي وحققت تقدمات كبيرة فيها.
لماذا يستهدف الاحتلال التركي اقتصاد المنطقة بشكل ممنهج، وما الهدف من ذلك؟
دفع الفشل في مخططات الدولة التركية التي حاولت خلالها إدخال نوع من الأزمة إلى المنطقة في الآونة الأخيرة إلى استهداف ممنهج لاقتصاد المقاطعة، بهدف إبادة مصادر الحياة التي بنيت رغم الحصار في السنوات السابقة.
هجمات الدولة التركية على مقاطعة عفرين تستهدف إبادة الحياة الاقتصادية التي نمت في المنطقة، والتي تمكنت إثبات نجاحها خلال 7سنوات من الأزمة السورية.
ما درجة تهديد الموسم الزراعي للعام في حال استمرار العدوان التركي على المنطقة؟
مقاطعة عفرين منطقة زراعية بامتياز، تعتمد على المجال الزراعي بالدرجة الأولى نظراً لطبيعتها الملائمة وموقعها الاستراتيجي، ويعتبر المصدر الأول لتأمين دخل أغلبية الأهالي، وهناك استهداف مباشر للزراعة حتى قبل بدء عملية مقاومة العصر، الدولة التركية كانت تقطع الأشجار من القرى الحدودية، وتحرق مئات الهكتارات من الأرضي الزراعية.
وألحقت بالضرر في الوقت الحالي بنسبة 60 بالمئة كتقدير أولي، وأثرت على عدة جوانب في هذا المجال، كعدم قدرة الفلاحين على رعاية أراضيهم الزراعية، مثال: أن في هذه الفترة يتطلب تسميد الأراضي الزراعية والفلاحين غير قادرين على الوصول لأراضيهم بسبب القصف التركي المتواصل خاصة في المناطق الحدودية، حياة الآلاف من المواطنين الذين يعتمدون على الزراعة في خطر، سواء في تأمين دخلهم أو تأمين الموارد الغذائية للبقية.
إذاً يمكن القول أن آلاف الهكتارات من الأراضي أصبحت خارج الإنتاج الزراعي، عشرات الآلاف من أشجار الزيتون التي هي مورد رئيسي للكثير من الأهالي قطعت، الموسم الزراعي بات مهدداً هذا ما سيؤدي بالمحصلة إلى وقوع كارثة إنسانية، بتهديد الموارد المعيشية لهؤلاء المواطنين، إلى جانب تهديد تأمين الموارد الغذائية للمنطقة.
كيف تأثر الجانب الصناعي؟
المنطقة تطورت كثيراً في القطاع الصناعي وتوفر فيها مختلف أنواع المنشآت، والاستهداف الممنهج للقطاع الصناعي أدى إلى توقف إنتاجها، وعشرات الآلاف من العمال توقفوا عن العمل، منهم من لم يتمكنوا من الوصول إلى مراكز عملهم بسبب القصف المستمر، عدا تدمير البنية الصناعية المقدرة بملايين الدولارت، وتدمير الآلات والمعدات، عشرات المنشآت الصناعية تم تدميرها، إلى جانب عمليات النهب والسرقة التي قام بها مرتزقة الاحتلال التركي، وتقدر نسبة تأثير ذلك 60 بالمئة.
ماهي الجوانب الأخرى التي لم تسلم من العدوان التركي؟
الثروة الحيوانية لم تسلم من هجمات جيش الاحتلال التركي، فهي نهبت ونفقت المئات المواشي، الدواجن، نتيجة استهدافاتها الشرسة بحقهم، ولم يعد يستطيع الأهالي التمكن من رعي الماشية بسبب القصف العشوائي على أراضي المنطقة.
ما هي الرسالة التي يريد الاحتلال التركي إيصالها في استهدافه لسد ميدانكي؟
استهداف سد ميدانكي الذي يروي ويغذي مناطق واسعة من عفرين سواء بمياه الشرب أو الري للأراضي الزراعية، يهدد بوقوع كارثة إنسانية وقطع المياه عن قرابة نصف مليون نسمة، إلى جانب خطر انهيار السد الذي من الممكن أن يؤدي إلى غرق عشرات القرى وفيضانات لا تقدر عقباها.
ولم تسلم منها محطات تنقية المياه الأمر الذي يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض بين الأهالي، بسبب عدم توفر مصادر شرب مياه نقية أخرى.
كيف نظم الأهالي حياتهم من الجانب الاقتصادي بعد دخول مقاومة العصر لشهرها الثاني؟
النظام الاقتصادي الذي تم بناؤه خلال الفترات السابقة والنموذج الذي تم تطويره من خلال الاعتماد على الموارد الذاتية رغم الاستهداف التركي المباشر للبنية الأساسية لها وهي الزراعة، ومؤسسات الإدارة الذاتية، ومن خلال التلاحم والتضافر بين الأهالي ساهم إلى حد كبير للتخفيف من الآثار السلبية لهذه الهجمات.
ورغم الهجمات الشرسة التي تتعرض لها المقاطعة، نجد أن المدنيين والإدارة الذاتية في عفرين إلى الآن، قادرة على إدارة الأزمة إلى جانب الانتصارات التي تحققها القوات العسكرية التي تتصدى للهجمات وتلحق بها خسائر فادحة.
التنظيم الذي تم بناؤه خلال الفترات السابقة أعطى الإدارة والأهالي إمكانية إدارة اقتصادها حتى في ظروف الحرب وتعرضها للهجمات الشرسة.
ماذا شهد السوق التجاري إثر هجمات الاحتلال التركي؟
رغم الكثافة السكانية التي تتموضع في مركز المدينة، نتيجة توافد أهالي القرى الحدودية، لم تشهد الأسواق ارتفاعاً أو احتكاراً في الأسعار، بل على العكس تماماً انخفضت بعض السلع مثل الخبز ومادة المازوت على ما كانت عليه مشددين على توفيرها في الأسواق، الأمر الذي ساهم إلى حد ما في تخفيف العبء على المواطنين.
ولا نجد أزمات معيشية أو نقص المتطلبات الأساسية في الحياة، رغم عدم تدخل أي جهة دولية إغاثية لتأمين احتياجات الأهالي.