كوباني – تستمر السلطات التركية في انتهاكاتها بحق الشعب في الشمال السوري، حيث عادت لقطع مياه نهر الفرات الذي تتشاركه مع سوريا والعراق، وهذا ما هدد جوانباً من الحياة في سوريا والعراق.
باتت مسألة المياه وعلى وجه الخصوص مياه نهر الفرات أداة تركية تستخدمها حسب مصالحها، هذه الحقيقة ليست بجديدة إذ أن الخلاف السوري التركي حول الفرات قديم الخلفية، لكن مع بدء الأزمة انفردت تركيا بالتحكم في المياه ضاربة كل القوانين الدولية والاتفاقيات بهذا الخصوص بعرض الحائط.
تركيا لا تعترف بدولية نهر الفرات، وتصنفه على أنه نهر عابر للحدود فقط، وبذلك تجد نفسها غير ملزمة بالاتفاقيات الدولية التي تضمن التقاسم العادل لمياه الأنهار الدولية.
لكن ووفق الاتفاقية السورية التركية المؤقتة والموقعة في العام 1987، تتعهد تركيا بتوفير معدل سنوي يزيد عن 500 متر مكعب من المياه في الثانية.
إلا أن المنسوب بدأ بالانخفاض إلى أقل من 321 درجة منذ الـ11 من شباط الجاري عندما قطعت السلطات المياه مرة أخرى كأسلوب ضغط وحصار آخر تفرضه تركيا على سوريا ويمتد تأثير ذلك إلى العراق.
تأثيرات قطع المياه
لا ينحصر تأثير قطع مياه نهر الفرات على منطقة معينة بحد ذاتها، إنما لذلك تأثير يتعدى المناطق والمحافظات ليشمل الدول بعينها، وهنا نشير إلى سوريا والعراق.
إذ أن النهر يجري في الأراضي السورية بمسافة تقدر بنحو 610 كيلو متر و1160 ضمن الأراضي العراقية، وعلى النهر تقع مدن كبيرة أبرزها الرقة، جرابلس، الطبقة والبوكمال في سوريا والرمادي والفلوجة في العراق.
لذا فإن انقطاع المياه له تأثيرات من جوانب متعددة، سواء على الطبيعة أو السكان.
وفي شمال سوريا يعتمد غالبية الأهالي على الزراعة وخاصة المروية مستقدمين مياه الفرات لسقاية أرضهم التي تقع على طول النهر.
عبد الله عثمان وهو أحد سكان مقاطعة كوباني في الشمال السوري من الذين يقومون بسقاية أرضهم من مياه نهر الفرات.
يقول عبدالله إن لانقطاع النهر تأثير كبير عليهم لأنهم يعتمدون على الزراعة من المياه منذ القدم، وانقطاعها سيضرهم كثيراً إذ أنهم لن يعودوا يتمكنوا من سقاية أرضهم من الفرات.
وانخفض منسوب المياه في الفرات بشكل كبير إذ أن آليات سحب المياه كلها أضحت خارج المياه بمسافات كبيرة، وهو ما لن يمكنها من سحب المياه إلى الخزانات والأراضي الزراعية.
ووجه عثمان رسالة إلى أردوغان الذي “قطع المياه” وقال “نحن الفلاحين والمدنيين ليس لنا أي علاقة بالسياسيات التي تمارسها على المنطقة ما ذنبنا حتى نتحمل ذلك”.
ومن جهته قال المزارع أحمد حمود إن “قطع المياه يلقي بظلاله عليهم كمزارعين إذ أنها تعود بزيادة التكلفة عليهم.
التأثير على الكهرباء والصيد
وبصدد انخفاض منسوب مياه نهر الفرات أصدرت هيئة الطاقة في إقليمي الجزيرة والفرات بياناً بتاريخ 12 شباط العام الجاري وضحت من خلاله أنه سيتوقف توليد الكهرباء يومياً لمدة 10 ساعات، ليتم توليد الكهرباء لمدة 14 ساعة فقط حتى توفير كميات مناسبة من المياه.
وسيشكل انقطاع الكهرباء ضائقة كبيرة للأهالي على مختلف الأصعدة، وهو ما لاقى غضباً شعبياً في شوارع مدن الشمال السوري.
مؤاب محمد أحد الصيادين الذين يعملون بالصيد على نهر الفرات منذ 40 عاماً، يقول بأنه “عندما تزيد كمية المياه الأسماك تقترب من الشواطئ، لكن عندما تقل المياه تنزل جميع الأسماك إلى العمق لذا في الوقت الحالي لم تتحرك المياه منذ فترة لأن نسبتها قليلة جداً, وهذه مشكلة نعاني منها”.
الجانب الحقوقي والقانوني
المحامي بدرخان عطي يقول بأنه من حق جميع الدول التي يمر الفرات منها الاستفادة من مياهه وفق الاتفاقيات التي حددت النسب لكل دولة.
عطي قال بأن الدولة التركية وبقدر ما أمكنها أعاقت تدفق المياه إلى سوريا والعراق، وأكد بأن تركيا لا تستطيع أن تبقى كذلك دائماً لأن مياه الفرات تفوق قدرة سدود تركيا على منعها.
وأشار بدرخان عطي إلى أن المحاكم الدولية كمحكمة العدل ليسوا فاعلين في هذا الخصوص وأن المصالح السياسية لتلك الدول دائماً تلعب دورها.