سبق الهجوم الذي قام به مجموعات الحشد الشعبي أمس الأثنين16/تشرين الأول على مدينة كركوك والمناطق الأخرى لها تحركات دبلوماسية وتحالفات واتفاقيات بين الأنظمة الاقليمية المتمثلة بتركيا وإيران والحكومة العراقية، إضافة إلى بعض القوى الحزبية في داخل إقليم جنوب كردستان حول مدينة كركوك والمناطق المتنازعة عليها وفق المادة 140 من دستور الدولة العراقية الاتحادية. التطورات الأخيرة المتسارعة في الأزمة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، والتي اندلعت بعد إجراء الإقليم للاستفتاء الشعبي والذي أثار سخط وغضب الحكومة العراقية والنظامان التركي والايراني اللذان سارعا إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات والتحالفات لفرض الحصار والتهديد بالتدخل العسكري، ربما أدركه حكومة العبادي وبعض الأطراف التي سارعت إلى تتدارك النوايا التركية وقطع الطريق أمام حربٍ كادت أن تقع.
بعض المقدمات والدلائل التي تشير إلى إن ما حدث أمس الاثنين كان قد خطط له ولو بشكلٍ متسارع.
وحسب ما نشر في الوسائل الاعلامية وكمؤشرٍ أولي، التصريح الذي ادلى به أحد مدراء شركة نفط الشمال حيث قال” تلقينا أوامراً من السلطات في الاقليم لوقف الإنتاج في كركوك لدواع أمنية”.
كذلك التحركات الأخيرة الذي قام بها قادة بارزون في الحشد الشعبي أمثال هادي العامري في المناطق القريبة من مواقع التماس بين قوات البشمركة ومجموعات الحشد والقوات الاتحادية العراقية بمدينة الحويجة بجنوب كركوك، والتي انسحبت منها قوات البشمركة قبل أن يجتاح الحشد مدينة كركوك بيومين.
كذلك زيارة قاسم سليماني قائد الحرث الثوري الايراني السليمانية، والتي أثارت حولها العديد من التساؤلات انتهت بتسليم البشمركة لكركوك والعديد من المناطق التي كانت تحت سيطرتها.
وبالنظر لسير حملة الحشد والانسحابات المتتالية للبشمركة من مواقعها نستشف مؤشرات بارزة على إن اتفاق ما حصل حول أعادة صياغة نتيجة استفتاء 25 أيلول، حيث قامت مجموعات الحشد الشعبي أمس الأثنين 16/تشرين الأول 2017 بفرض سيطرتها على كامل مدينة كركوك، بعد انسحاب قوات البشمركة وبأوامرٍ من قيادتها، رغم حصول بعض الاشتباكات التي أدت إلى سقوط عددٍ من الضحايا.
وبعد أن فرض الحشد سيطرته على كامل مدينة كركوك ونواحيها وبأوامرٍ من الحكومة العراقية أتجه مجموعات الحشد الشعبي المدججة بالأسلحة الثقيلة صوب قرتبه في ديالى، وطوز خورماتو وخانقين وداقوق وشنكال، لتفرض سيطرتها على تلك المنطقة كاملةٍ ” المناطق المتنازعة عليها”.
فيما تابع قوات البيشمركة انسحابها من كامل مواقعها على طول خطوط المناطق المتنازعة عليها( مناطق التماس مع القوات العراقية والحشد الشعبي).
وبالنظر لبعض الردود الداخلية والخارجية حول ما حدث، فعلى مستوى الداخلي تبادل كل من الطرفان الحزبيان الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني الحاكمين في الاقليم الاتهامات فيما بينهم حول ما حدث، وبادر الطرفان لفرز المناطق فيما بينهم بسحب كلٍ طرفٍ لقواتهما من منطقة الأخر، كذلك انسحبت قوات البيشمركة وباتفاق مع الجيش التركي من منطقة بعشيقة وسلمت المعابر الحدودية بينها وبين تركيا إلى الحكومة العراقية كذلك بالنسبة إلى المعابر مع سوريا.
ويبدو إن الطرفان سيقومون بمزيد من الاجراءات لفض الشراكة بينهما.
ومن جانبها أكدت وحدات حماية شنكال بانها لن تنسحب من مواقعها وأنها ستبقى في مواقعها مدافعة عن أي هجومٍ يهدد الشنكاليين.
من جانبها فقد فرضت الحكومة العراقية سيطرتها السياسية والعسكرية والادارية على كل المناطق التي سيطرت عليها خلال يومي الاثنين والثلاثاء، وعينت بالاتفاق مع الجانب التركي محافظاً تركمانياً على كركوك ريثما يتضح المعالم الجديدة للمدينة بعد سيطرة الحشد عليها.
دولياً لم تخرج التصريحات الدولية عن إطار وقف النزاع بين الطرفين حيث أشار دونالد ترامب في تصريحٍ له على انهم لن ينحازوا لأي طرفٍ كان” فيما اتخذت المانيا اجراءات أكثر صرامة بتعلقيها لبرنامج تدريب قوات البيشمركة فيما لم تصدر ردود فعلٍ دولية أخرى.
من خلال هذا المشهد المبسط وأمام تسارع القضايا وإعادة خلط الأوراق في العراق الاتحادي، والدور المباشر لتركيا وإيران والتي ستعيد لرسم المشهد العراقي بما فيها مشهد اقليم جنوب كردستان والذي يشهد تقسيماً حزبياً وإدارياً واضحاً سيفض بالنتيجة إلى ظهور أقاليمٍ جديدة على لخريطة العراقية وبالطبع سيكون للأطراف الإقليمية والضالعة في هذا المشهد التراجيدي حصةً في هذه الاقاليم.