Tev-Dem

ادلب … انقاذ تركي للإرهاب وتآمر جديد على توافقات سورية محتملة

528

لعل الوضع في إدلب وما يتم الحديث عنه بات المحور الأهم في الوضع السوري العام

حيث هناك توجهات نحو اتفاقات ضمنية ما بين القوى الإقليمية والدولية حول إدلب بما يتناسب مع حجم التطورات التي شهدتها المنطقة وعلى الأخص فيما يتعلق بالوضع الروسي- التركي ـ الإيراني في سوريا وفي العالم بعد تصادم جملة من الرؤى والمواقف بين الدول المذكورة مع الولايات المتحدة الأمريكية وظهور قضايا على الساحة ربما يكون الحديث عنها قد جاء متأخراً. لكن إلى حد ما لها دور ولا يمكن استبعاد اختيار الوقت الزمني لها بنوع من الدقة كتوقع، لقد عملت روسيا على اتباع سياسة مثيلة لتلك التي اتبعتها في غروزني والشيشان حول تجميع المعارضين للتوجهات الروسية في بقعة جغرافية ومن ثم العمل على فرض ما تريده روسيا عليهم، هذا النموذج كان للداخل الروسي لكن تكرار ذلك في سوريا بالتعاون مع النظام رغم أن خطورة المجموعات المذكورة على سوريا لها أبعاد أخرى إلا أن ذلك لم يكن إلا لكسب المزيد من الوقت وخلط الأوراق، فالإرهاب كمصطلح وتوجه لا يمكن أن يكون له معان أخرى.

لذا؛ التعامل مع الإرهاب كموقف هو الذي يحدد المسؤولية، عملية تجميع الإرهاب في رقعة محددة ومن ثم العمل على التعامل مع ذلك بنوع من الاستفادة والاستثمار عمل غير سليم إن صح التعبير. بالرغم من كل هذه التطورات إلا أن الأهمية حتى الآن لم تُعطَ لريف حماة كما يتم إيلاء الأهمية لإدلب مع أن هناك عمليات تجري ويمكن القول: إن الحديث عن الوضع في إدلب قد أضعف من الاهتمام والحديث عن ريف حماة بالرغم من أن ذلك هام أيضاً، فروسيا تريد فتح الطرق الرئيسة مع الداخل السوري وتريد كذلك الحد من الهجمات بالطائرات المسيرة على قاعدتها في حميميم بالتوازي مع تأجيج الوضع في إدلب بالتعاون مؤخراً مع تركيا لصرف النظر عما سيحدث، بالمجمل عندما نتحدث عن إدلب فلا بد لنا من ألا ننسى أنَّ تركيا هناك، المجموعات المسلحة الإرهابية، الجبهة الشامية، الحزب التركستاني، القاعدة، وغيرهم هؤلاء هم ممثلون لتركيا، قد نكون أمام احتمالات هي الأقرب إلى الواقع حتى الآن، تركيا تعاملت مع المجموعات الخاصة بها ـ المصنفة إرهابياً – في إدلب بسياسة تسمين العجول حيث قامت بدعمهم من جهة ومن جهة أخرى أفرغت مناطق جنوب وضواحي دمشق منهم لجعلهم كورقة استفادت منها في عفرين وتحاول تكرار ذلك في إدلب لكن كيف؟!

التوجه يتمثل في تكرار ما حدث مع بداية الدخول التركي الرسمي كاحتلال في سوريا في آب عام 2016م حينما قامت باستقبال الفارين من داعش وغيّرت من أشكالهم وقامت بتجميعهم على الحدود السورية – التركية تحت مسمى درع الفرات ودخلوا إلى جرابلس ومن ثم الشريط الحدودي تباعاً في تلك المنطقة. تحاول تركيا لعب ذات الدور في إدلب وليس مغايراً للسابق، تتفاوض الآن مع مجموعاتها كالجبهة، والقاعدة، حول ضمان خروجهم بعملية انحلال ذاتي مقابل استقبالهم مرة أخرى ومن ثم ضمهم إلى قوة جديدة هي ذاتها التي تتحدث عنها تركيا – الجيش الوطني في الشمال وما شابه -، تريد من ذلك إرضاء روسيا مقابل فتح طريق لها مع دمشق أو على الأقل عرقلة عملية اللقاءات بين مجلس سوريا الديمقراطية والنظام في دمشق، تركيا وإن كانت ستقوم بتجميع الإرهابيين تحت مسمى آخر إلا أنَّها ستضحي بهم عبر زجهم في معارك لصالحها كما فعلت حينما قامت بنقلهم إلى إدلب واليوم تتاجر بهم لكسب أوراق جديدة على وجه الخصوص من أجل معاداة المشروع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا.

على عكس من يرى في تركيا أنَّها ستبقى ضمانة لهم فإن تركيا لم تكن صاحبة موقف وكل تقرباتها تكتيكية، نفعية. لذا؛ تركيا مستعدة للتنازل وتقديم كل ما يمكن من أجل البقاء في عفرين وممارسة احتلالها، عفرين كما أزالت القناع عن وحشية تركيا وإرهابها تجعل تركيا اليوم تتنازل في الداخل والخارج وتذعن للشروط والإملاءات والهدف فوبيا الديمقراطية وقيادة التحول في سوريا وإنهاء وجود الإرهاب. محاولات تركيا التطبيع مع دمشق مقابل منع تطور ملف اللقاءات مع الشمال خطة جديدة مفادها عملية عزل جديدة للشمال السوري في معادلة الحل السوري العام وهنا نتحدَّث عن تناول عام بغض النظر عن الذهنية في دمشق، ما أقصده كاللقاء بين طرفين سوريين لكل منهما دور يمكن أن يلتقيا على نقاط تتطور هذه النقاط لما يخدم مصلحة الشعب السوري.

التوجه الحكيم في إدلب مهما كان هناك تنازلات تركية يجب أن يكون بدون أي تعاون مع أردوغان، يجب أن يكون بدون أي قبول لامتيازات تركيا للأطراف الأخرى، من يُعوِّل على تركيا في أنها ستقدم شيئاً واهمٌ، لا يمكن أن تكون تركيا صديقة لا لروسيا ولا لدمشق، ويجب أن يتحرك الجميع بالعمل وفق دور مسؤول يضمن عزل تركيا من أي تطورات في إدلب. دخول تركيا في ملف إدلب للمزيد من الدعم للإرهاب وإنقاذهم، بالإضافة إلى استثمار ذلك كورقة وصرف النظر عن حالة الغليان في الداخل التركي، الحد من الدور التركي مع حالة الركود الداخلي والتراجُع في الاقتصاد كفيل بجعل تركيا وأردوغان أمام حالة من التخبط في تدخلاته بسوريا واللعب بمصير الشعب السوري ومعاداة الحل والتوافق السوري – السوري. الوقت مناسب للكشف عن سلبية تركيا في الوضع السوري ويجب عدم التعامل بسياسة الفرص وإنقاذ تركيا مرة أخرى. بعد هزيمة داعش وفشل مشروع الإرهاب الأكبر تزعزع دور تركيا في سوريا إلا أنه تم انقاذها بحفنة من المواقف والاتفاقات والآن تركيا في تراجع كبير يجب ألا يكون هناك انعاش وإحياء لدور تركيا من جديد عبر التعاون معها في إدلب؛ لأنَّ ذلك سيكون دماراً كبيراً للتسوية السياسية وتطور الحل السوري.

آلدار خليل