Tev-Dem

العقلية والمنهج المدمِّر لسوريا لا يحققان الحل

538

آلدار خليل

ظهور الصراع والأزمات تكون دوماً بسبب وجود مشاكل، وهذه المشاكل والمعضلات لا تقف عند حد معين ، بل تتطور وتجرُّ الأمور إلى حالة سيئة في حال لم يتم احتواؤها وفهمها جيداً تماماً كما الحال في الوضع السوري الآن، مع إصرار النظام السوري الذي يعتبر أحد الأطراف الرئيسة في تأجيج الوضع وتطور المشاكل والتعنُّت في عدم تقبُّل الواقع والاعتراف بوجود حقوق للشعب السوري داخل الوطن السوري تحوَّلت الأمور إلى حالة سيئة وباتت سورية مسرحاً للحرب والتصارع وتصفية الحسابات، بالإضافة إلى أنَّ البعض كما الدولة التركية قامت باستثمار الأمور لما يخدمها فساهمت بالشكل الأكبر في دعم التطرف واللعب بالأحداث وتقديم الصراع المحلي ما بين المكونات السورية وكذلك احتلت ولا تزال مناطق سورية وتمارس في تلك المناطق سياساتها العدائية والتي تلتقي مع سياسة النظام السوري ذاتها.

يتناسى النظام السوري بأنه يفتقر إلى القرار وأنَّ كل أموره تتحكم فيها روسيا وأنَّ روسيا صرحت على لسان وزير خارجيتها للعلن عدة مرات بأنه لولا التدخل الروسي لسقطت دمشق في أيام، إلا أنَّ النظام لا يزال يُصرُّ على التقرب وفق منطق العسكرة والعقلية الاقصائية والأمنية ويحاول إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 2011م دون أن يشعر قيد أنملة بالمسؤولية حيال ما ساهم به هو نفسه خلال السبع السنوات التي مضت، النظام يتجاهل أنَّه دمّر ما يزيد عن 50% من مساحة سورية، وشرّد أكثر من خمسة ملايين ما بين الداخل والخارج، واعتقل الآلاف، ولا تزال آلاف كذلك مفقودة، كل هذه الأمور يبدو أنَّها لا تُحرِّك أي شيء في النظام السوري ولا يقف عندها بتمعن والتفكير في حال الأمور داخل سورية، لا بل حتى لا يتحمَّل مسؤولية أي شيء فيها، هذه اللغة وهذه العقلية هي التي دمّرت سورية باستمرار النظام السوري في التوجه نفسه؛ وتدمير أكثر، وتعقيد أكثر، وتعميق للأزمة أكثر ومعاناة للسوريين بشكل أكثر كذلك.

وعلى ما يبدو فإنَّ النظام وبعدما حققه من خلال الدعم الروسي له في مناطق حلب وبعدها المناطق المتاخمة للعاصمة دمشق والآن في درعا يحاول تطبيق هذا السيناريو في مناطق أخرى، بمعنى يريد الظهور بمظهر القوي ويريد فرض ما يريد على الشعب السوري عنوة، هذا الأمر لا يُعبِّر عن أي نية للحل، هو فشل حتى الآن في كل المواقع عن تقديم أي شيء يمكن أن يخدم المصلحة السورية، حيث في المفاوضات الدولية أصر على صياغة الحل وفق منظوره وبالتالي فشلت الأمور وفي النداءات التي أطلقها من أجل الحوار على الصعيد المحلي وداخل سورية لم يحدث وتطوَّر أيُّ شيءٍ، حيث كل ما كان يُصرح به ولا يزال عبارة عن كلام لم يتطور بأي شكل إلى واقع عملي.

نحن نرى بأن النظام يجب أن يحاول إعادة النظر في الكثير من الأمور وفي مقدمتها أن يعترف بأن هناك واقعاً قد تبدل وأنَّ الأمور لا يمكن أن تعود كما كانت، كذلك لا بد من العمل بمنطق جاد من أجل الحوار والحل، يحاول اختبار النوايا وقبل الجميع لا يوجد نية له للحل.

بعد تدمير درعا تتوجه الأمور الآن نحو الحسم في إدلب، الوضع في إدلب قد يفرز عن تحولات جديدة وتطورات معينة هذه التطورات قد تؤدي إلى قيام النظام بخطوات عملية معينة من أجل الحوار، نحن نؤمن بأن الحوار أحد السبل المؤدية إلى الحل لكننا لا نريد أن يكون هناك حوار مقترن بظروف ووضع معين ولا نؤمن بتقاربات تكتيكية، نريد أن يكون هناك إيمان تام بالحوار، الأفضل أن يبدي النظام مسؤولياته حيال تصاعد الأمور في سورية، لا بدَّ من أن يُشخِّص المشاكل ويُؤمِن بأن الحكم الفردي أو فرض الأمور من جانب واحد على الشعب السوري منهجٌ خاطئ، الأزمة الآن هي نتيجة السياسة ذاتها عليه أن يقترب من المشاكل ويبدي مواقف جدية من أجل تحقيق حل شامل يفضي إلى الاستقرار، والديمقراطية، والتعددية وسورية مستقرة يسودها الأمن والسلام لا جرّها نحو نهج سبّب الويلات للشعب السوري، لا بل يستوجب العمل على تحقيق أهداف هذا الشعب وإعادة النظر في مجمل السياسات والمواقف والمراجعة من أجل تقديم ما هو منطقي ومعقول عدا عن هذا يلتقي الموقف السلبي الخاص بالنظام مع مجموعة من العوامل والمواقف الأخرى وبالتالي لا يمكن تحقيق أي تقدم على صعيد الحل في سورية بصيغ وأشكال كهذه.