Tev-Dem

خليفة: العدوان التركي على سوريا والعراق جريمة دولية

314

اعتبر الحقوقي وعضو المؤتمر الوطني الكردستاني عبدالرحمن خليفة العدوان التركي على سوريا والعراق جريمة دولية، وقال إن هذا العدوان يأتي نتيجة تخلخل الوضع السوري والعراقي الداخلي والخارجي، وصمت المجتمع الدولي، وطبيعة المناطق المستهدفة، وأكد أن سبب صمت المسؤولين في إقليم جنوب كردستان يعود لتفضيل المصالح الحزبية الضيقة بل وحتى العائلية على مصالح الأمة.

أجرت وكالة أنباء هاوار لقاء مع الحقوقي وعضو المؤتمر الوطني الكردستاني KNK، عبد الرحمن خليفة حول العدوان التركي على إقليم جنوب كردستان

وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

*في نهاية آذار بدأ جيش الاحتلال التركي بالتوغل أكثر في أراضي إقليم جنوب كردستان وقصف القرى المأهولة بالسكان. هل لهذا التوغل علاقة مع صمت قيادة الإقليم عن العدوان التركي على عفرين؟ أم أنه يأتي في إطار اتفاق بين الطرفين ؟ وما الذي تسعى تركيا للوصول إليه بهذا التوغل؟ وإلى أي منطقة تريد الوصول؟

منذ تأسيس الدولة التركية إثر معاهدة لوزان 1923 فإنها لا تكتفي باحتلال باكور (شمال كردستان) بل هي مستمرة بالتآمر على بقية أجزاء كردستان، بحيث أصبح التآمر على الكرد ديدن هذه الدولة. وإن لم نذهب إلى انتهاكاتهم السابقة ونكتفي بالقريب نرى بأنه في الأمس احتلوا عفرين والآن يطمحون لاحتلال منبج، وانتهكوا حرمة الأراضي العراقية، الدولة ذات السيادة والعضو في الأمم المتحدة. من أهم أسباب هذه الاعتداءات هي ضعف الدولة العراقية بسبب تصارع القوى عموماً والعلاقات الكردية السيئة مع المركز وعدم اكتراث الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان بالمسائل الجوهرية للأمة الكردية، إضافة الى وجود مصالح حزبية وعائلية مع أردوغان والحزب الحاكم في تركيا (AKP).

وأنا لا أقول إن هناك اتفاقاً بين حكومة الإقليم وتركيا لأن الاتفاقيات عادة تعقد بين أطراف متكافئة نوعاً ما، وتركيا تنظر إلى قيادات الإقليم بشيء من الدونية والازدراء. السبب الوحيد لهذا الصمت إزاء هذا الاحتلال هو ضعف القيادة الكردية وتشتت المواقف ووجود الصراعات المستمرة بين الأحزاب الحاكمة وتفضيل المصالح الحزبية الضيقة بل وحتى العائلية على مصالح الأمة.

أما بخصوص الإجابة على الشق الأخير من السؤال فإن الدولة التركية تطمح لاحتلال الموصل (جنوب كوردستان) وهذا يتجلى في تصريحات المسؤولين الأتراك بشكل مستمر، وإنها تنتظر الفرصة المواتية والمناسبة لهذا الاحتلال. ومن واجب كل كردي وطني وشريف أن يسعى جاهداً لوأد هذا الجشع.

*هل من حق تركيا أن تتدخل في أراضي دولة جارة دون موافقتها؟

إن القوانين الدولية تمنع انتهاك حرمة أراضي الغير لأي سبب كان والتدخل يشكل جريمة يحاسب عليها القانون الدولي ويحق لمجلس الأمن اتخاذ كل الإجراءات العقابية الضرورية اللازمة والرادعة لذلك بما فيها الخيار العسكري، وخير دليل على ذلك احتلال العراق لدولة الكويت وما ترتب على هذا الاحتلال.

إن ما تقوم به الدولة التركية من تجاوزات على أراضي الغير سواء في الشمال السوري أو العراقي يعد جريمة دولية، ومن حق الدولتين تقديم الشكوى لمجلس الأمن ومعاقبة المعتدي.

*من أين تأتي تركيا بالجرأة لشن هكذا هجمات على أراضي الدول الجارة في سوريا والعراق مثلاً؟

تأتي الجرأة التركية لشن الهجمات على أراضي الدول المجاورة لأسباب منها: “تخلخل الوضع السوري والعراقي الداخلي والخارجي، صمت المجتمع الدولي بسبب المصالح الذاتية للدول، وطبيعة المناطق المستهدفة من الدولة التركية، لأن الدولتين السورية والعراقية غير مهتمتين ولا تكترثان لهذه المناطق لأنهما أصلاً لا تعتبرها من ضمن أراضيهما بل أن الأراضي المستهدفة تعود للغير لحقت بهما بِعد انهيار الامبراطورية العثمانية في بداية القرن الماضي، وأنها وطن لشعب آخر رغم أنها لا تجهر علناً بذلك، إلا أنها وفِي الشعور وعقلهم الكامن تظهر ذلك وتنعكس على التعامل معها بكل صلافة واستخفاف.

*على الرغم من اعتراض العديد من البرلمانيين والكتل الكردية في جنوب كردستان على هذا التدخل، ومطالبتهم للبرلمان بعقد جلسة لمناقشة ذلك، إلا أن حكومة الإقليم ما تزال صامتة. هذا الصمت على ماذا يدل؟ وهل هناك أطراف محددة تمنع صدور قرارات ضد العدوان التركي ومن هي تلك الأطراف؟

إن الاعتراضات الفردية من قبل بعض البرلمانيين والكتل الصغيرة على هذا التدخل السافر ما هي إلا تعبير  لأشخاص وكتل صغيرة نابعة عن وطنيتهم ومواقفهم النبيلة وأنا أثمن هذه المواقف، ولكن في الحصيلة النهائية لا تأتي بنتيجة مالم ترتقي إلى اتخاذ قرارات جامعة وحازمة من كافة الجهات الكردية لرد العدوان وتوحيد كل الآراء ومراجعة البرلمانيين والكتل الأخرى لأنفسهم والالتحاق بمواقف تخدم الأمة ومصلحة الشعب، وأقول لهؤلاء الذين اختاروا الصمت تجاه قضايا أمتهم إن التاريخ سيحاسبهم وأن الجهة التي تمنع إصدار قرارات ضد العدوان التركي ظاهرة للعيان وليس خافٍ على أحد، وهي نفس الجهة التي سببت خسارة 51 % من أراضي كردستان الجنوبية مؤخراً بعد أحداث 16 أكتوبر 2017.

*مع التوغل لمسافة ما يزيد عن 20 كيلومتراً داخل أراضي جنوب كردستان. ما هو المطلوب من الشعب والكتل السياسية؟

رداً على هذا التوغل والاحتلال السافر يتطلب اتخاذ مواقف موحدة وصارمة من قبل الشارع الكردستاني في الأجزاء الأربعة من كوردستان وكذلك الشارع العراقي عن طريق التظاهرات والاحتجاجات المختلفة، وكذلك توحيد الرؤى من  قبل كل الأحزاب واتخاذ مواقف واضحة بهذا الخصوص، هذا إضافة إلى المنظمات المدنية وكافة شرائح المجتمع.

*هل بإمكان أعضاء البرلمان الذين فازوا في انتخابات 12 أيار، تحريك موضوع التوغل التركي في البرلمان العراقي ووضع حد لسياسات التدخل التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية التركي؟ وكيف ذلك؟

في اعتقادي إن البرلمانيين من الكرد والعرب ينبغي أن يكون لهم مواقف موحدة وحازمة وصارمة ضد الاحتلال التركي لأنه في الحصيلة النهائية هي طمع في الأراضي العراقية المتضمنة لجزء من كردستان وستكون الخسارة شاملة لكل الأطراف، ولكن وبنظرة متفحصة لواقع الحال في البرلمان العراقي فإنها مخيبة للآمال لأن البرلمانين ما هم إلا دمى تحركهم أحزابهم، وواقع الأحزاب الحالية وخصوصاً المتنفذين منهم ظاهر للعيان، فهم في واد ومصالح الشعب في وادٍ آخر، لهذا فإن التحرك ضد التوغل والأطماع التركية في البرلمان العراقي مرهون بتغير المعادلة البرلمانية في هذه الانتخابات التي لم تحسم نتائجها بعد، ونتيجة للتزوير والخروقات الحاصلة فهي في مأزق لا يحسم بسهولة.

*تركيا قطعت مؤخراً ما يزيد عن 50 % من مياه نهر دجلة،  الأمر الذي تسبب بمعاناة للعراقيين. هل الصمت العراقي هو السبب في تمادي تركيا بتصرفاتها وعدوانها أم أن الأطراف العراقية ترى في الكرد أعداءً يجب إضعافهم كيفما كان؟

مما لا يختلف عليه اثنان وهو أمر ثابت ولا يحتاج إلى جدال بأن محتلي كردستان يغتنمون الفرص للانقضاض على الكرد وإن عقليتهم لا يطرأ عليها تغيير، وأن الدستور والفيدرالية وحقوق الآخرين حصيلة ظروف فرضت نفسها في فترة تحرير العراق من الدكتاتورية بعد 2003.

ولكون المتضرر الرئيسي من عملية قطع المياه من نهر دجلة هو العراق الجنوبي ولهذا فإن صمت المسؤولين العراقيين تجاه جريمة قطع المياه هو السبب في تمادي تركيا بتصرفاتها وعدوانها.