Tev-Dem

في ذكرى استشهاده…كيف أصبح أبو ليلى رمزاً للنضال الثوري؟

367

نتجول في سطور التاريخ مع أهم رموز المقاومة في ثورة روج آفا الذين قاوموا ضد الاحتلال والارهاب، وبالرغم من أن بعض هؤلاء المقاومين لم يروا تحرر مدنهم، كما القائد الشهيد فيصل أبو ليلى، إلا أن مسيراتهم الحافلة كانت الشرارة التي أشعلت المقاومة في قلوب شعوب المنطقة، وبدأت الخطوات تخطى لتعمل على تحقيق أمانيهم.

كان الهدف الأول له هو تحرير مدينته من الإرهاب, ضحى بنفسه في سبيل أن تتحقق اخوة الشعوب ويسود العيش المشترك, ناضل وكافح وأصبح أحد أشهر رموز ثورة روج آفا، شارك في الكثير من المعارك ضد مرتزقة داعش, كان أحد قيادي مقاومة كوباني, قاتل في سبيل توفير الأمن والسلام للأطفال في شمالي سوريا وروج افا وليس لأطفاله فقط.

يصادف اليوم(5 حزيران/يونيو) الذكرى الثانية لاستشهاد القيادي في مجلس منبج العسكري وقائد كتائب شمس الشمال فيصل أبو ليلى الذي قاد بدايات انطلاق حملة تحرير مدينة منبج واصيب في اليوم الثالث من انطلاق الحملة(1 حزيران 2016)، واستشهد في الـ5 من حزيران.

وكانت للقيادي الذي وضع بصمته في مراحل مفصلية من ثورة الشعب في روج آفا وشمال سوريا، آمال أراد تحقيقها بنضاله، لكن قبل الحديث عن ذلك سنستعرض معاً أبرز محطات حياته.

لمحة عن حياة القيادي الشهيد

فيصل سعدون أو أبو ليلى كما يعرف بين العامة، من مواليد  1984 مدينة كوباني, انضم إلى الثورة منذ بداية انطلاقتها ضد النظام البعثي, وكان من مؤسسي لواء جبهة الاكراد في مدينة منبج والقائد الميداني لها، ومن ثم وبعد توسع رقعة الكفاح المسلح في مدينة منبج ضد النظام البعثي أصبح ابو ليلى القائد العسكري للواء جبهة الأكراد في المنطقة الشرقية.

حارب ضد النظام البعثي في “حلب (أحياء الأشرفية, شيخ مقصود, حلب القديمة), جبهة اللاذقية, جبهة عين عيسى”, ومع ظهور مرتزقة داعش في المنطقة توجه فيصل أبو ليلى إلى قتال داعش مع باقي الفصائل الموجودة في مدينة منبج.

كان يهدف ابو ليلى دائماً إلى القضاء على مرتزقة داعش الذي كان يسيطر على مدينته منبج لسنوات يمارس فيها أشد أنواع التعذيب على أبنائها، لذا قاتل مرتزقة داعش في مناطق عدة مثل منبج, الباب, جسر قرقوزاق, عين عيسى وتل أبيض.

شارك أبو ليلى في المقاومة التاريخية في كوباني قائداُ لكتيبة شمس الشمال في الجبهة الشرقية من المدينة وكان أحد رموز معركة مرشد بينار(المعبر الحدودي في كوباني) في الـ29 من تشرين الثاني عام 2014 وأبدى بسالة في القتال أصيب على إثرها 7 مرات ونقل إلى مشافي باكور كردستان للعلاج لكنه عاد وواصل المقاومة مرة أخرى.

وبعد مقاومة كوباني، شارك أبو ليلى بتحرير ناحية صرين, مدينة تل أبيض, حملة الهول والشدادي, ناحية عين عيسى, حملة تحرير سد تشرين, وأخيراً شارك كعضو في المجلس العسكري لمنبج وقائد كتائب شمس الشمال فيصل أبو ليلى في حملة تحرير منبج وتواجد في الخطوط الأمامية للمعارك في حملة تحرير مدينته من مرتزقة داعش حتى استشهد على أعتاب مدينته التي كانت آخر محطة له.

أمنيات القائد تتحقق

سعى أبو ليلى من خلال النضال والمقاومة التي أبداها منذ اندلاع “الثورة السورية”، إلى تحقيق جملة من الأهداف والأماني التي تمحورت جميعها على خدمة الشعب في وطنه، لذا بات تحقيق أهداف القائد بعد استشهاده هدفاً لكل مقاتل.

شقيق المناضل القيادي أبو ليلى فرهاد سعدون يؤكد بأن “حلم أبو ليلى تحقق الآن, فقد كان يحلم بتحرير مدينته من مرتزقة داعش وأن يعود إليها الأمن والسلام وأن تعم أخوة الشعوب ويسود العيش المشترك بين كافة مكونات شمالي سوريا ويتم القضاء بشكل نهائي على مرتزقة داعش”.

أماني أبو ليلى تجسدت معظمها في رسالة بعثها عندما كان يقاتل في معركة كوباني إلى ابنته ليلى، قال فيها “هكذا هي طريقنا، هو واجبنا أن ندافع ونعمل ونقاتل لأجل مستقبلك ومستقبل الأطفال أمثالك, لكي لا تكبروا وتقولو كما كنا نقول أن آبائنا وأجدادنا لم يفعلوا شيء لأجلنا, أنا أقاتل لأجلك ولأجل أمثالك، كل ما نعانيه وكل ما نخاطر به هو لأجل مستقبلك ومستقبل كل الأطفال مثلك، لتعيشوا في هذا الوطن أحرار وآمنين, والثورة هي لأجلك ولأجل الوطن سوريا, كم اشتقت إليكِ، حبيبتي ليلى ستكونين فخورة بوالدك إن كان حياً أو شهيداً مع قبلتي لك.. والدك أبو ليلى من كوباني”.

لذا وبعد تحرير مدينته من مرتزقة داعش على أيدي مقاتلي مجلس منبج العسكري، عمل رفاق أبو ليلى على تحقيق بعض الأمنيات التي لطالما سعى لتحقيقها، فقد كان يحلم بتحرير كافة مناطق شمالي سوريا من مرتزقة داعش وبناء مستقبل مشرق لأطفال منبج وهذا ما تم تحقيقه، حيث افتتحت في هذا العام المنصرم وحده 317 مدرسة درس فيها 96877 طالب وطالبة في مدينة منبج ريفها.

كما وانضم المئات من أبناء مدينته إلى صفوف القوات العسكرية سواء كانت قوات مجلس منبج العسكري أو واجب الدفاع الذاتي دون تردد للدفاع عن مدينتهم والانتقام لقائدهم أبو ليلى وكل من عانى الظلم في ظل سيطرة مرتزقة داعش.

رفيق دربه ونضاله شرفان درويش(الذي يتولى مهمة الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري) يتحدث عن ذكرياته مع رفيقه الشهيد ابو ليلى ويقول “مر عامان على فراقنا، قضينا لحظات جميلة في ازقة وشوارع كوباني كانت مليئة بالروح الرفاقية وأماني تحقيق النصر, ابو ليلى دائماً كان يعيش على أمل بأن تكون مقاومة كوباني أرضية لتحرير مدينة منبج من مرتزقة داعش وباقي مناطق روج آفا وشمالي سوريا, ومن هذا المنطلق وهذا الأمل ناضل أبو ليلى وكافح ليلاً ونهاراً وحقق انتصارات عظيمة على هذا الطريق”.

وأشار شرفان بأن “أبو ليلى كان يتحلى بروح وجرأة وإرادة قوية ومعنويات عالية يدخل إلى قلب كل شخص عاش وشارك معه في جبهة وقاتل إلى جانبه, امنياته كانت الوصل إلى سوريا حرة ديمقراطية وتأمين مستقبل مشرق للأطفال، وسعى لنشر الانسانية والحقيقة والصدق، هذه الكلمات التي كان يرددها عندما كان يتحدث مع بناته ورفاقه وهو في جبهات كوباني يقاتل مرتزقة داعش “.

لم يعرف الهزيمة

ويقول شرفان عن سر ابتسامة أبو ليلى التي كانت دائماً مرسومة على سمات وجهه والمعنويات العالية التي كان على الدوام يتحلى بها، “أبو ليلى بابتسامته تمكن من رسم الابتسامة على شفاه الآلاف من السوريين الذين عانوا الويلات في الأعوام الماضية, عندما كان يُحاصر في مكان ما أو كان هناك خطرٌ على حياته، كان يرفع من معنويات مقاتليه بالابتسامة والثقة العالية بالنفس والمعنويات العالية، لم يكن يعرف معنى الخسارة والهزيمة فالنصر كان هدفه، ودائماً ما سعى لتحقيق النصر مهما كان الثمن, فالنصر كان لدى أبو ليلى شيئاً حتمياً ويجب أن يتحقق، لذا كان دائما ذو معنويات عالية وصاحب الابتسامة المرحة”.

رحل على طريق تحقيق الحلم

كان يوم إعلان مجلس منبج العسكري عن بدء حملة تحرير مدينة منبج في الأول من حزيران عام 2016 من مرتزقة داعش، يوماً تاريخياً لدى أبو ليلى، لم تكن الابتسامة وعلامات الفرح تفارق وجهه, كان يستعد لخوض المعارك بمعنويات عالية وثقة بالنصر، لكنه استشهد على عتبتها قبل الوصول إلى مدينته.

بعد استشهاد القيادي فيصل أبو ليلى، وانتقاماً وتخليداً لتضحياته ونضاله سميت حملة تحرير مدينة منبج باسم “حملة الشهيد القيادي فيصل أبو ليلى”.

يؤكد شرفان درويش بأنهم كرفاق المناضل القيادي فيصل أبو ليلى سيعملون ليلاً ونهاراً على تحقيق ما كان يحلم به في بناء سوريا ديمقراطية وحماية مدينة منبج من أي اعتداء خارجي وذلك ليكونوا لائقين به وبالتضحيات التي بذلها.

زوجة أبو ليلى، دجلة أحمد تقول اليوم بعد عامين على استشهاد زوجها بأنها “عرفت الآن معنى حديث فيصل أبو ليلى عندما كان يقول “سوف يأتي يوم وتفهمين معنى نضالي الذي هو من أجلكم ومن أجل كافة شعوب المنطقة”.

وما يزال هنالك الكثير ليتم فعله في سياق الثورة التي يقودها أبناء الشمال السوري وفاءً للشهداء أمثال القائد أبو ليلى، هم تركوا ورائهم إرثاً نضالياً وواجب حماية الثورة والوطن على عاتق المقاتلين الذين يتابعون مسيرتهم اليوم، ويبقى كل ما فعله الشهداء نجوماً مضيئة في تاريخ هذه الثورة.