Tev-Dem

من ذاكرة التاريخ.. منبج وحملة افشال المؤامرات

335

تتميز مدينة منبج عن باقي مدن الريف الشمالي لحلب كونها الأكبر بمساحة تبلغ 2000 هكتار، وتبعد عن مدينة حلب قرابة الـ 90 كم، مرت مدينة منبج بحقب تاريخية مختلفة اذ دخلها الآشوريين والساميين والرومان، وهذا ما جعلها شاهدة على العديد من المعارك، إلا أن المسلمين دخلوها سلمياً بالاتفاق مع القبائل المسيحية العربية التي كانت تقطنها آن ذاك.

وفي عهد هارون الرشيد ازدهرت مدينة منبج والذي جعل منها عاصمة لجند العواصم، ومن ثم سيطر عليها الرومان في عهد أبو فراس الحمداني، فيما بعد استعادها صلاح الدين الأيوبي وتابعت ازدهارها إلى أن اجتاحها المغول ودمروها مرة أخرى، تلاهم العثمانيين الأتراك، حيث وقعت معركة مرج دابق بين الشركس والعثمانيين وعلى اثرها استقر الشركس وأعادوا ترميمها من جديد.

ناضلت مدينة منبج منذ القديم ضد الاضطهاد، إذ تحررت من حكم النظام البعثي في عام 19/7/2012م، على مجموعات تطلق على نفسها مسمى الجيش الحر، ومن بعدها أحكمت مرتزقة داعش سيطرتها على المدينة في 21/1/2014م، والذي مارس أشد التعذيب النفسي والجسدي من خلال الإعدامات الوحشية التي مارسها على أهل المدينة وأبنائها كما أغلق المدارس ليحكم بظلام ظلمه.

بعد سيطرة مرتزقة داعش على مدينة منبج وامتدادها في كل من سوريا والعراق، باتت مدينة منبج الشريان الذي يغذي المرتزقة من تركيا مروراً بجرابلس إلى منبج باتجاه الرقة ودير الزور حتى العراق، وبهذا أصبحت منبج مدينة استراتيجية تؤمن لمرتزقة داعش الامدادات اللوجستية، كما شكلت معبراً لدخول المرتزقة الأجانب الذين انخرطوا في مرتزقة داعش بمساهمة تركية.

وعبر منبج أرادت تركيا الزج في مرتزقة داعش لشن هجمات تجاه الشمال السوري وخاصة كوباني، وهذا ما دفع مرتزقة داعش لتعزيز وجودهم في مدينة منبج، كونها تتوسط المنطقة الشمالية الغربية في سوريا جغرافياً لتكون منبج عاصمة داعش من الناحية العسكرية باعتبار مدينة الرقة عاصمة سياسية.

أكثر من سنتين عانى أهل مدينة منبج من شتى أنواع الارهاب الداعشي، إذ مورس الارهاب بحق الأطفال والنساء والشيوخ من قتل وتعذيب وقطع الرؤوس وسلب الممتلكات، هذا الارهاب بات العالم يشهد إجرامه بصمت إلى أن علت أصوات الاستغاثة التي أطلقها أهالي مدينة منبج لقسد ومجلس منبج العسكري لتخليصهم من ظلم مرتزقة داعش، في الحين الذي طالب فيه المهجرين من أبناء مدينة منبج العودة إلى ديارهم التي اخرجتهم منها داعش قسراً.

وعليه أعلن مجلس منبج العسكري حملة تحرير مدينة منبج في 1 حزيران 2016م، والتي من خلالها كسرت عظام داعش، وقطعت إمداد تركيا للمرتزقة إلى الرقة، كما قطعت دخول وخروج المرتزقة الأجانب من وإلى تركيا، وبهذا خسرت تركيا حفيدتها الحليفة داعش التي شكل امتدادها غاية تحاول تركيا من خلالها الوصول إلى أطماعها دون تلطيخ أيديها.

لم تكن حملة تحرير مدينة منبج صدمة سهلة بالنسبة لتركيا، فقد فقدت أهميتها في المنطقة، إذ فشلت سياسة تركيا في دعم الارهاب العالمي، فأتت عملية تركيا في احتلال الأراضي السورية رد فعل طائش لتدخل وتقاتل في سبيل أطماعها بيدها من خلال توغلها في جرابلس، علها تطيل عمر مرتزقة داعش.

حاول الاحتلال التركي فتح عدة جبهات ومهاجمة مدينة منبج لتشتيت مجلس منبج العسكري وقسد عن هدفهم الذي يرنوا للقضاء على الارهاب، وكان لتدخلها في سوريا دورا كبيراً في افساح المجال أمام قوات النظام للتمدد والوصول إلى نهر الفرات، وبالرغم من مرور ما يقارب عامين على تحرير مدينة منبج على يد مجلس منبج العسكري إلا أن تركيا مازالت تهدد مدينة منبج من خلال تصريحات رئيسها الفاشي أردوغان.

ولكن صمود مقاتلي مجلس منبج العسكري أفشل كل هجمات الاحتلال التركي واحبط محاولاتها، بالرغم من تهديداتها المتكررة باحتلال منبج، كما أن مدينة منبج تنعم الآن بنموذج من الأمان والتعايش المشترك الذي يسود بين مكوناتها من التركمان والشركس والعرب والكرد، ولها إرادة مشكلة من أبنائها متمثلة بالإدارة المدنية الديمقراطية ومجلس منبج العسكري.