Tev-Dem

ورث الفن كحلقة من سلسلة فن آبائه وأجداده

412
يشكل حلقة من سلسلة الفن الذي توارثه من آبائه وأجداده، يمارس فن الغناء الشعبي منذ عمر الـ 10 وحتى عمر الـ 90 عاماً، وخلال مسيرته الفنية تتلمذ على يديه العديد من الفنانين مثل محمد شيخو إنه المغني الشعبي محمد كني.الغناء الشعبي أو التراثي يقوم بمهمة نقل التاريخ ويحظى بأهمية كبيرة لدى الشعب الكردي، يعد الغناء الشعبي  من أقدم أنواع الأدب الشفوي في الثقافة الكردية والذي حافظ على استمراريته إلى يومنا هذا. ظهر هذا النوع من الغناء بداية في منطقة سرحد في محيط مدينة آكري. والغناء الشعبي رمز للثقافة والتاريخ الكردي. وعلى الرغم من عدم كتابة تاريخ الكرد بسبب ظلم وقمع الأنظمة السلطوية حافظ الغناء الشعبي على تاريخ الكرد من الضياع وتوارثته الأجيال عن بعضها حتى وصل إلى يومنا الراهن. إذا أردنا التعرف على الثقافة والفن وأشكال الحياة وتاريخ المجتمع الكردي من الضروري الاستماع إلى الأغاني الشعبية. المغنون الشعبيون الذين لا يجيدون القراءة والكتابة نسجوا بأسلوبهم كلمات تعبر عن آلام وبطولات وأفراح الشعب الكردي ونقلوا الأحداث للمجتمع. تتجلى خصوصية المغني الشعبي في قدرته على الارتجال وتحويل الأحداث التي يشاهدها إلى كلمات وإلقائها بصوت مرتفع. وبفضل هؤلاء المغنين تحول الغناء الشعبي إلى مرآة للمجتمع الكردي.ونحن في وكالة هاوار التقينا بأقدم مغنٍ شعبي في مدينة قامشلو وهو محمد كني. يبلغ محمد كني 90 عاماً ، انتقلت عائلته عام 1928 من ناحية كاربوران بمرش إلى مدينة قامشلو. تعلم فن الغناء الشعبي من والده وهو مستمر في الغناء منذ 80 عاماً.”شكلتُ حلقة في سلسلة الغناء الشعبي”تشكل عائلة محمد كني سلسلة متتابعة في فن الغناء الشعبي، فمحمد كني تعلم هذا الفن من والده سليمان كني الذي تعلمه بدوره من والده. شكل كل واحد منهم حلقة في سلسلة  هذا الفن وحافظوا عليه وطوروه. تحدث محمد كني عن تعلمه للغناء الشعبي وقال:” كان والدي دائماً ما يغني لنا الأغاني الشعبية عندما نكون مجتمعين في المنزل وكنا نستمع له بفرحة كبيرة وتعلمت الغناء الشعبي من والدي وغنيت للمرة الأولى في عمر الـ 10 سنوات، وكان أبي يستمع لي خلسة من وراء الباب وفي أحد الأيام قال لي” محمد هل تحب الغناء؟ إذا كنت تحبه استمر به وإذا لم تجد شخصيتك بين الأغاني لن تصبح مغنياً” أعجب والدي بصوتي وأراد أن أستمر في التعلم وبدوري أردت أن يتابع أبنائي هذا الفن لتستمر السلسلة ولكن للأسف أولادي لم يريدوا ذلك وهذا الأمر أحزنني ولكن الإنسان لا يستطيع أن يفرض فن الغناء الشعبي على الآخرين بالقوة يجب أن تتوفر الإرادة والمشاعر”. الغناء الشعبي يعبر عن طبيعة الحياة في المجتمع الكردي، كما يعبر عن: الألم، الفرح، الموت، الحزن، الحب، والحروب التي مرت على المجتمع الكردي. لم تكن هناك مدارس في فترة طفولة محمد كني لكنه احتفظ بكلمات الأغاني في ذاكرته إلى يومنا هذا. أشار محمد كني إلى أنه ألقى الأغاني الشعبية في الأفراح وكذلك في المآتم ويشكل الغناء الشعبي في الوقت نفسه وحدة روح المجتمع الكردي.”التماهي مع الحدث والشعور به يشكل الحلقة الأولى في الغناء الشعبي”تحدث محمد كني عن مشاعره أثناء الغناء بقوله:” الغناء الشعبي هو تاريخنا وثقافتنا. عندما أغني أجد نفسي في رحاب التاريخ  وأشعر بكل كلمة أقولها سواء في الحزن أو الفرح لأن الحلقة الأولى في الغناء الشعبي هو التماهي مع الأحداث والمواقف والشعور بها وهذا ما يضفي الجمال على الصوت. عندما تضع يدك على أذنك وتبدأ بالغناء فإنك بذلك تظهر التاريخ المخفي”.تتلمذ العديد من الفنانين على يد محمد كني، من تلامذة محمد كني الذين تركوا بصمتهم في التاريخ الكردي: الفنان الكردي الشهير محمد شيخو، عبد القادر سليمان، محمود علي شاكر، رمضان هرميشي، أحمد عيسى، المغني الشعبي عادل، سعيد كاباري وغيرهم.”يجب على شعبنا رعاية شجرة الغناء الشعبي”يتخوف المغني الشعبي محمد كني من ضياع فن الغناء الشعبي وعبّر عن خوفه بالقول:” الغناء الشعبي مهم بالنسبة للمجتمع الكردي كأهمية الخبز والماء ومن الضروري أن يحافظ شبابنا على هذه الثقافة، فهو كالشجرة التي تموت إذا لم تتم سقايتها، يجب على شعبنا الاهتمام بهذه الشجرة وسقايتها على الدوام ليحافظ فن الغناء الشعبي على استمراريته”.