Tev-Dem

صالح القلاب: ظلم ما بعده ظلم أن يُحرم الكرد مما حصل عليه الآخرون

298

قال الإعلامي والسياسي الأردني صالح القلاب إنه ظلم ما بعده ظلم أن يحرم الشعب الكردي العريق مما حصلت عليه شعوب المنطقة الأخرى، لافتاً إلى أن التقسيمات ما بعد الحرب العالمية الأولى باعدت بين التوجهات السياسية لمكوناتهم الرئيسية، وأكد أنه “لا يجوز أن يبقى هذا الشعب محروماً مما حصل عليه الآخرون”.

وجاء ذلك في مقال للإعلامي والسياسي الأردني صالح القلاب الذي شغل منصب وزير الإعلام ووزير الثقافة ووزير دولة في الأردن، نشرته صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم.

وأشار السياسي الأردني صالح القلاب أن اقتسام غنائم ما بعد الحرب العالمية الأولى بين الدول المنتصرة؛ بريطانيا العظمى وفرنسا، وبالتالي الولايات المتحدة لاحقاً، بعد حرب السويس في عام 1956، جعل الكرد موزعين بين عدد من دول المنطقة الشرق أوسطية الرئيسية؛ التي هي تركيا أولاً، وإيران ثانياً، والعراق ثالثاً… وسوريا رابعاً، هذا بالإضافة إلى أن بعضهم بات يشكل أقليات ليس لها أي حضور سياسي فاعل في لبنان والأردن، وهناك من يقول وفي مصر وأذربيجان وأرمينيا وربما روسيا الاتحادية.

ولفت القلاب إلى القمع الإيراني للكرد وأشار إلى قمع التطلعات منذ أيامها الأولى كما حصل في كرمنشاه عندما حول «المعممون» أعمدة الكهرباء إلى أعواد مشانق لهؤلاء، بحجة أنهم يشكلون جيباً عميلاً، وأنهم عملاء لأميركا و«الاستكبار العالمي»، وهذا في حقيقة الأمر غير صحيح على الإطلاق. ولفت إلى قيام جمهورية مهاباد عام 1946 “بدعم من الاتحاد السوفياتي وموافقة الولايات المتحدة”، وقال “لكن ما لبث هؤلاء الداعمون أن تراجعوا عن دعمهم بـ«التآمر» مع الشاه رضا بهلوي، فحصل ما حصل، وانتهت تلك المحاولة بعد نحو سبعة أشهر، لكنها بقيت حافزاً لهذا الشعب ولهذه الأمة حتى الآن… حتى هذه اللحظة التاريخية”.

وأوضح صالح القلاب أن ما يضعف الكرد بصورة عامة هو أن «تقسيمات» ما بعد الحرب العالمية الأولى قد باعدت بين التوجهات السياسية لمكوناتهم الرئيسية.

وأكد الساسي الأردني على العلاقة التاريخية الوثيقة بين الشعبين الكردي والعربي في المنطقة “لا مشكلة للكرد مع العرب بصورة عامة؛ فالتعايش بين هذين المكونين أو هاتين الأمتين قديم جداً، إنْ في العراق أو في سوريا، وكان الكرد دائماً، وأبداً، شركاء رئيسيين في المسيرة الحضارية العربية الطويلة، فخيرة من كانوا يُعدّون كفاءات عربية كانوا من هذا الشعب الشقيق العريق، وهذا يختلف اختلافاً كبيراً عمّا هو في إيران وفي تركيا سابقاً ولاحقاً… وحتى الآن”.

وبيّن أن المشكلة؛ إنْ بالنسبة لتركيا وإنْ بالنسبة لإيران، هي أن الكرد في هاتين الدولتين يشكلون ثقلاً رئيسياً؛ إذ يقال إن عددهم في تركيا يصل إلى أكثر من 20 مليوناً، بينما عددهم في إيران يقترب من 15 مليوناً، وهذا يعني أنَّ حصول أي من هذين المكونين على حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، سيعني كارثة محققة؛ إنْ للإيرانيين الفرس، وإنْ للأتراك العثمانيين، ولذلك لن تسمح تركيا للكرد أو لغيرهم بالانفصال عنها وحتى إنْ اضطرت لخوض عشرات الحروب الطاحنة المتلاحقة؛ إذْ أنها من وجهة نظرها تدافع عن كيانها وعن وجودها، وهذا بالتأكيد ينطبق على إيران التي كانت «أقلياتها» العرقية قد بدأت الكفاح مبكراً أولاً خلال المرحلة الشاهنشاهية، وثانياً ضد هذه الدولة الخمينية الاستبدادية”.

ويتابع السياسي الأردني مقالته بقوله “وعليه، وفي النهاية، فإنه ظلم ما بعده ظلم أن يحرم هذا الشعب العريق مما حصلت عليه شعوب هذه المنطقة الأخرى، ولعل ما يجب أن يفهمه ويدركه الذين ينكرون أن للكرد نفس حقوق العرب والإيرانيين والأتراك، أن هؤلاء سيبقون يشكلون قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت في الدول التي يوجدون فيها؛ في تركيا وإيران على وجه التحديد، وأيضاً في العراق الذي حققوا في إقليمه الشمالي حكماً ذاتياً اقترب في السنوات الأخيرة، قبل معركة «الاستفتاء» المعروفة، من أن يكون دولة مستقلة”.

وفي الختام يقول صالح القلاب “لا يجوز وقد قطع العالم ومعه هذه المنطقة الشرق أوسطية كل هذه المسافة الزمنية من الألفية الثالثة، أن يبقى هذا الشعب محروماً مما حصل عليه الآخرون، فهذا سيبقى يؤدي إلى خَضّات أمنية وسياسية في الدول المعنية، وهذا سيسهل عمليات اختراق الدول الكبرى للشرق الأوسط ودوله؛ خصوصاً تركيا وإيران… والعراق وسوريا”.